آخر تحديث :السبت-19 يوليو 2025-12:47ص

رجال السلطة صنفان

الجمعة - 18 يوليو 2025 - الساعة 12:00 م
عبدالكريم الدالي

بقلم: عبدالكريم الدالي
- ارشيف الكاتب


كما يوجد الخير والشر، والحلال والحرام، هناك من البشر الشرفاء الناجحين وأيضًا الفاسدين الفاشلين، وبإسقاط هذا التصنيف للبشر على رجال السلطة لأي سلطة، تكون النتيجة أن رجال السلطة في أي مجتمع صنفان، هما:


الصنف الأول: أناس شرفاء ناجحين، عندما يتحمل الشخص منهم المسؤولية يعتبرها تكليفًا لخدمة بناء وتطور وازدهار واستقرار الوطن واستقلاله، وبناء مؤسسات دولة، سيادة، عدالة، القانون، ولتحقيق حياة كريمة للشعب، والحفاظ على السيادة الوطنية واستقلال القرار السيادي، وبناء جيش وطني قوي بعقيدة وطنية وسلاح متطور.


الصنف الثاني: سلطة فيها البشر فاسدين فاشلين، المسؤولية بالنسبة لهم مغنم، لذلك مجرد أداة لتنفيذ أجندات الأسياد أعداء وطنهم وشعبهم، يجتهدون لأجل القضاء على مؤسسات دولة عدالة القانون، واستبدال الجيش الوطني صاحب العقيدة الوطنية والتسليح المتطور بمليشيات منفلتة السلاح بتمويل من الخارج للاستقواء على المواطن، وتكون هذه المليشيات القوة لحماية اللصوص ضد الشرفاء عند سرقة المال العام، والبسط على الأراضي، وفرض الجبايات والإتاوات غير القانونية، وبذلك تتحقق أجندة الأسياد بتدمير الوطن وقتل وإفقار الشعب وحرمانه من الخدمات، والتفريط بالسيادة الوطنية واستقلالية القرار السيادي.


وبإسقاطنا هذا التصنيف لرجال السلطة على واقع سلوكيات وممارسات رجال سلطة المحاصصة في عدن، سنجد أن الصنف الثاني ينطبق عليهم كرجال سلطة فاسدين فاشلين، ظهورهم منحنية للدوس عليها من قبل أسيادهم، دمروا الوطن بالقضاء على الدولة ومؤسساتها، وسيادة عدالة القانون، وفرّطوا بالسيادة الوطنية والقرار السيادي والثروة الوطنية، ودمروا الجيش الوطني القوي صاحب العقيدة الوطنية، واستبدلوه بمليشيات ممولة من الخارج، وأفقروا الشعب وجوّعوه وشرّدوه، وبهكذا وصلت الأوضاع إلى ما نحن فيه من تردٍ وسوء حال وانعدام الخدمات، وانهيار سعر صرف العملة اليمنية، وغلاء الأسعار بشكل جنوني، وعدم انتظام صرف المرتبات، ونهب وسرقة الإيرادات السيادية والمحلية، وفرض إتاوات وجبايات غير قانونية تذهب لجيوب الفاسدين، غير بسطهم للأراضي، وتعطيل مرتكزات عدن الاقتصادية (الميناء والمطار والمصافي والمنطقة الحرة)، وهكذا أصبحت عدن تعيش اليوم في ظلام دامس، بدون كهرباء ولا ماء في فصل الصيف الحار، ولا خدمات صحية، ولا تعليم، ولا نظافة، ولا صرف صحي، ومياه المجاري تطفح في الأحياء السكنية، والمواطن يُطحن بين مطرقة غلاء الأسعار وسندان انهيار سعر صرف الريال اليمني، وكل هذا التدمير لمقومات البقاء والحياة في عدن عملٌ متعمدٌ منظمٌ ممنهجٌ، بدليل أن سلطة أمر الواقع بالمحاصصة من الشرعية والمجلس الانتقالي والأحزاب والمكونات السياسية التابعة لهما، عاملة “إذن من طين وأذن من عجين” لمعاناة وهموم وأوجاع الوطن والمواطن، وتعيش في فساد مركب متجذر، غارقة فيه من ساسها إلى رأسها، ببذخ وصرف بالعملة الصعبة، وتوظيفات وهمية في السفارات للأهل والأحباب برواتب بالعملة الصعبة، وسفر وتسكع وصعلكة في الفنادق، واللي ما يدري يتفرج!


الشارع ينتفض، يصرخ، يعلن رفضه لهذا الفساد وتردي الأوضاع بمسيرات سلمية للشباب والنساء، ولكن مع الأسف فإن سلطة المحاصصة ينطبق عليها المثل الذي يقول: “كركر جمل، حاكي جدار”، وبدلًا من التفكير في إصلاح الأمور، تستخدم العنف ضد الاحتجاجات السلمية التي يكفلها الدستور للمواطن، وهذا من الطبيعي سوف يؤدي إلى رفع وتيرة الاحتجاجات وتطور الصدام.


وبسماجة ليس لها مثيل، يأتي من يبرر بتبريرات سخيفة بعدم توفر الموارد! كذب وزور! والسؤال: إذا لم تكن لديكم القدرة كسلطة على الوفاء بالتزاماتكم تجاه المواطن لتحقيق حياة كريمة شريفة له، فلماذا أنتم باقون في السلطة؟! ارحلوا اليوم قبل غد، قبل أن يأتي يوم الحساب والعقاب عاجلًا أو آجلًا، ويكون العصيان المدني على طريق ثورة الجياع ضد الفساد والفاسدين، لاقتلاع الفساد من جذوره، ورمي الفاسدين في مزبلة التاريخ.


فثورة الجياع قادمة لا محالة، عاجلًا أو آجلًا.


عبدالكريم الدالي