آخر تحديث :الخميس-17 يوليو 2025-11:37م

انهيار العملة.. الأسباب والواقع المؤلم

الأربعاء - 16 يوليو 2025 - الساعة 10:41 ص
د. خالد سالم باوزير

بقلم: د. خالد سالم باوزير
- ارشيف الكاتب


نُعاني في المحافظات المحررة من تدهور غير مسبوق للعملة الوطنية، وسط فوضى واسعة في سوق الصرافة وتلاعب يومي بأسعار العملات الأجنبية. وكما أشار الصحفي فتحي بن لزرق، فإن هناك "جيشًا" من محلات الصرافة التي تعمل بلا ضوابط، في ظل عجز واضح من البنك المركزي في عدن عن فرض الرقابة والانضباط.


ورغم أن البنك المركزي يؤكد أن بنك صنعاء غير شرعي بعد قرار نقله إلى عدن، إلا أن المفارقة الصادمة أن الصرافين في صنعاء لا يستطيعون التلاعب كما يحدث لدينا هنا، حيث تتحكم محلات الصرافة بالسوق كيفما تشاء، وترهق المواطن بتغيرات سعرية يومية دون رقيب.


الخاسر الوحيد في هذه المعادلة هو الموظف، الذي تتآكل رواتبه بفعل انهيار العملة وغلاء الأسعار، بينما تستمر الجهات المسؤولة في التفرج. ولو أن البنك المركزي في عدن تعامل بجدية، لكان قد أصدر قرارًا تاريخيًا بإغلاق محلات الصرافة، والاعتماد فقط على البنوك الرسمية المرخصة، مع فتح نوافذ منظمة لتبديل العملات وفق سعر ثابت.


لكن للأسف، يبدو أن هناك تواطؤًا من داخل الكادر نفسه، وهو ما يتضح جليًا من خلال ما يُسمى بـ"مزادات بيع العملة" التي تُخصص للتجار، في ظل غياب الشفافية والمحاسبة.


في المقابل، أصدر بنك صنعاء عملته الخاصة، ويتصرف داخل نطاق سيطرته، رغم الخلاف السياسي والاقتصادي بين الجانبين. ومع هذا، فإن الأداء هناك أكثر انضباطًا في بعض الجوانب المالية من الوضع الكارثي الذي نعيشه هنا.


لقد فشلت الشرعية فشلًا ذريعًا في التعامل مع أزمة العملة، وهي تتحمل كامل المسؤولية عن انهيار الرواتب، وتفاقم المجاعة، وارتفاع الأسعار. وإذا كان البنك المركزي في عدن جادًا فعلًا في الإصلاح، فعليه أن يبدأ بتوحيد الرواتب للجميع، بما في ذلك للنازحين في الخارج، وصرفها بالريال اليمني، إلى جانب إيقاف مخصصات أعضاء مجلسي الشورى والنواب، وتقليص نفقات الوفود والبعثات الدبلوماسية التي تستنزف العملة الصعبة ثم تعود لتعيش في الداخل دون معاناة.


كما يجب فرض رقابة صارمة على إيرادات المطارات والموانئ والمنافذ، وإلزام الجميع بتحويل الأموال إلى البنك المركزي، وإغلاق حسابات المرافق الحكومية في محلات الصرافة وتحويلها إلى الحسابات الرسمية في البنك.


لقد تعب الشعب من فوضى العملة، ومن غياب الدولة، ومن تقاعس البنك المركزي عن اتخاذ قرارات جريئة. ولعل أبرز هذه القرارات وأكثرها إلحاحًا: إغلاق محلات الصرافة فورًا، واستعادة السيطرة على المنظومة المالية المتهالكة.


أما بنك صنعاء، فهو مستمر في إصدار المزيد من العملة، ولا أحد قادر على ردعه، والنتيجة أن البلاد تنزلق أكثر نحو الفوضى، والضحية الوحيدة هو المواطن الموظف، الذي يُسحق بلا ذنب في صراع المصالح.


آمل أنني أوضحت بعضًا من ملامح الأزمة الاقتصادية التي نعيشها اليوم.


أ.د. خالد سالم باوزير