آخر تحديث :السبت-12 يوليو 2025-10:09م

إغلاق الطرق والتداعيات المستقبلية على الشعب اليمني

السبت - 12 يوليو 2025 - الساعة 04:39 م
حسان محمد الشوكي

بقلم: حسان محمد الشوكي
- ارشيف الكاتب


في ظل الحرب بين الأطراف اليمنية المتصارعة، صار الشعب اليمني يعاني من الظروف المأساوية، والتقدم العلمي، والانفلات الأمني؛ بالرغم من أن الشعب كان أول ضحية لهذه الحرب العبثية، التي زادت على حرمانه من أبسط حقوقه المشروعة، وهي إغلاق الطرق التي يجب أن يسرح ويمرح بها كيفما شاء، ووقت ما يشاء، بحيث إنها تعتبر من أساسيات حياته، ومصدر رزقه، وتعزيز أمنه واستقراره.

مع العلم بأن إغلاق الطرق، بالرغم من أنها تؤدي إلى الكلفة العالية، التي صارت السبب الرئيسي للانهيار الصحي والعلمي عند قياس ذلك بالواقع الذي يعيشه الشعب، حيث إن جزءًا من الانهيار الصحي متعلق بمسافة الطريق؛ عند قياس المسافة التي كان يقطعها المريض إلى المستشفى في ساعة، صار يقطعها في أيام. ولذلك، فإن كلفة الطريق للوصول إلى المستشفى قد تعادل أو تزيد على كلفة الفحوصات والأدوية في المستشفى، إن تم وصول المريض وهو على قيد الحياة.

وكذلك، جزء من الانهيار العلمي متعلق بالطريق؛ عند قياس المسافة التي يقطعها طالب العلم، فإن كلفة الطريق إلى الجامعة كفيلة بتغطية مصروفه الشهري أو أكثر، وقد نقول لترمٍ كامل، لو حسبنا ذلك ذهابًا وإيابًا.

ولكن، الأكثر من ذلك خطرًا على الشعب، في ظل الظروف التي صارت أكثر من مأساوية، هو ارتفاع أسعار المواد الغذائية مع ارتفاع الصرف، ولا فرق بين العملتين شمالًا وجنوبًا عند قياس أسعار المواد الغذائية بما يعادلها من العملات الصعبة؛ ولكن ما علينا النظر إليه بحق، هو عدم استطاعة المواطن المضطر - أياً كان طالبًا أو مريضًا أو عاملًا - الذهاب إلى الوجهة التي يريدها، بسبب افتقاره للكلفة العالية لمسافة الطريق، حتى صار المريض يموت في صمت بلا رعاية صحية.

ويتم انقسام طالبي العلم من الجامعات الشمالية والجنوبية، مما يؤدي إلى الافتقار الفكري والثقافي؛ لعدم الاختلاط والحوار المباشر بين طالبي العلم من الشمال والجنوب.

ولهذا، فإن استمرارية إغلاق الطرق في وضع كهذا، تؤثر تأثيرًا بالغًا على وحدة الشعب وسلامة أراضيه.

ومن هنا، يجب أن نعرف بأن الطرق لا تعني مجرد تبادل تجاري، وتعزيز اقتصادي بين محافظات الجمهورية اليمنية فقط؛ بل هي تمثل الهوية الوطنية، ووحدة الشعب اليمني.

حيث إن العزلة الجغرافية، التي تؤدي إلى عدم التواصل المجتمعي المباشر لعقود، كفيلة بالتغيير الثقافي بين أفراد الشعب الواحد؛ خاصة في الظروف المأساوية التي يمر بها البلد، في ظل الانقسامات الجيوسياسية بين الأطراف المتصارعة، التي ستزيد من إثراء الأجيال الصاعدة - التي تعيش في عزلة من الجغرافيا اليمنية، والبعيدة عن الأجواء السياسية - بالحقد والكراهية الشعبوية مع بعضهم البعض.

وهذا، يُسهِّل على ذوي المصالح الخارجية استقطاب المواطنين، لما يعزز مصالحهم الذاتية، كلما زاد التصعيد والتوتر أكثر فأكثر.

وعلى ذلك، حين شاءت القوى الخارجية تعزيز مصالحها الذاتية، من حيث المكاسب المادية أو النفوذ العسكرية، أبت إلا أن تطيل أمد الصراع بين الأطراف اليمنية المتصارعة، التي لا تمتلك الحرية الاستقلالية في قراراتها الذاتية؛ فأبدت الانصياع والاستجابة لقرارات القوى الخارجية، التي لا تعرف حقًا بلا مصلحة، ولا تزهق باطلًا بلا مكاسب، أودت بالشعب كافة إلى واقع مرير، غير الواقع الذي كان يتنفسه، ولو بشكل بسيط، قبل إغلاق الطرق، التي زادت من انحدار الوضع الاقتصادي والصحي للشعب، دون استثناء النظر إلى التداعيات المستقبلية، التي ستحملها السنين والعقود للوطن والمواطن.

بحيث إنه، في حال استمرارية إغلاق الطرق الكفيلة بالانعزال الجغرافي، سيؤدي ذلك إلى الانقسامات المجتمعية، بين أبناء الشعب الواحد، ويهدد الوحدة الوطنية.

حيث إن إغلاق الطرق سببٌ رئيسي في التفكك المجتمعي، وتغيير الفكر الشعبوي بين أفراد الشعب، بعدم قدرتهم على الاختلاط والاتصال فيما بينهم بشكل مباشر؛ مما يُسهِّل على ذوي المصالح الخارجية تفكيكهم، بإثارة الحقد والكراهية فيما بينهم، عبر مواقع التواصل الاجتماعي غير المباشر، مع العلم بأن التغيير الفكري والثقافي، كفيل باستقطابهم وتهميشهم، بما يخدم مصالحهم.

ولهذا، فإن استمرارية إغلاق الطرق، التي هي أبسط حقوق الشعب اليمني، فإن تداعياتها المستقبلية أكثر حدة من الحياة الواقعية على الشعب، لعوامل عدة:

التداعيات المحتملة لإغلاق الطرق:

استمرارية إغلاق الطرق العامة، تؤدي إلى الركود الاقتصادي المزمن، وتزيد من حدة الفقر، واتساع رقعة البطالة، وتحفّز الهجرة إلى الخارج. كما يؤدي ذلك أيضًا إلى التعزيز الوجودي للمنظمات الخارجية، واعتماد الشعب عليها؛ في الوقت الذي يعلم الجميع بأن وجود مثل هذه المنظمات الدولية - وإن كان لها فوائد لا غنى عنها في أزمات شعبوية كهذه - إلا أن وجودها المستقبلي متعلق بهدف إذلال الحكومات وتسييرها.

إغلاق الطرق سيؤدي إلى مستقبلٍ مظلم، لجيل تربى على الحقد والكراهية، ومخاصمة أخيه المتواجد في الطرف الآخر.

إغلاق الطرق تؤدي إلى ازدياد الهجرة من البلد الذي هو مسقط رأسه، ليبذل جهدًا كبيرًا في بلدٍ آخر، كي ينال أجرًا بسيطًا، يحصل به على قوته الضروري.

انهيار في جميع المجالات العلمية، والصحية، والاقتصادية، في ظل ازدياد البطالة، واعتماد الشعب على المنظمات الخارجية، التي ستُسبب في إعاقة الحكومة عن أداء واجبها الوطني الحقيقي.

إغلاق الطرق ستُسبب في إنشاء جيل مجتمعي مفكك، لا يستطيع فهم بعضه البعض، بما يحمله من أفكار مغايرة، وثقافات مغلوطة، عكس ما كان عليه المجتمع قبل الانعزال الجغرافي.

خلاصة الكلام:

يجب أن ندرك، أولًا وأخيرًا، بأن الحرب الدائرة بين الأطراف اليمنية، وإطالة أمدها، تستهدف الشعب نفسه؛ خاصة في ظل هدنة وقف إطلاق النار التي طالت، ولا زالت تحت مسميات إنسانية زائفة، في الوقت الذي لم ينل فيه الشعب أبسط حقوقه المشروعة، وهي فتح الطرق.

ولكنها، في الأصل، هدنة تحمل مسميات سياسية باطلة، زادت من ظلم الشعب واستصغاره، من قبل هذه الأطراف اليمنية، التي جعلت بينها وبين الشعب سورًا، له باب، باطنه فيه الرحمة، وظاهره من قبله العذاب.