بيان الحوثيين في مقتل الشيخ صالح حنتوس: وثيقة إدانة للجماعة ؟!
بيان جماعة الحوثي بشأن مقتل الشيخ صالح حنتوس مجرد تبرير أمني مفضوح لما جرى، بل هو في حقيقته وثيقة إدانة صريحة تكشف طبيعة الحماعة التي نعرفها، وكيف ترى المواطن، والدين، والمسجد، بل والوطن من زاويتها فقط.
التهم تكشف عن منطق القوة المفرطة.
اتهم البيان الرجل بأنه “يُمارس أنشطة تحريضية”، وأنه “يُعادي مواقف الدولة”، وأنه “يُسهم في إحباط الأنشطة المؤيدة للمقاومة”، بل اتُّهِم بتلقي أموال من “قوى العدوان”، وتحويل المسجد إلى مقرّ “لأعمال تخريبية”.
من يقرأ هذا البيان، يرى عوار الجماعة وأن ما أزعجها ليس سلوكًا مسلحًا أو نشاطًا تخريبيًا كما ادعت بل موقفًا.
رجل وقف واعترض. رفض الخضوع. رفض أن يتحول المسجد إلى منبر للحوثيين
هذه ليست المرة الأولى التي تُستخدم فيها مثل هذه التهم لتبرير القتل ضد من خالف ورفض الخضوع
كُتب البيان بلغة أمنية صارخة، دمغت الخصم بالخيانة والعمالة، بمجرد اختلافه في الرأي أو الموقف لقتله وهتكه
البيان الحوثي اعترف بأنه قتل رجلا نزيهًا لم يساوم، وقف حتى النهاية مدافعًا عن استقلاليته وعن كرامته .
هذه ليست تهمًا، بل أشبه بـ قائمة جاهزة من الافتراءات تُستخرج عند الحاجة لتبرير التصفية.
تشبه ما تقوله الأنظمة البوليسية حين تفقد قدرتها على الإقناع، فتلجأ إلى وصم خصومها بـ”العمالة”، و”الخيانة”، و”التخريب”، وتضيف إليها – كلما لزم الأمر – تهمًا مثل “منع الخطيب”، و”التآمر ضد المقاومة”، و”تلقي أموال مشبوهة”.
أشبه بورقة تُكرر في كل حادثة، فقط يتغير اسم الضحية، أما اللغة فهي ذاتها:
هذه القضية كانت واحدة من القضايا التي تعيد التذكير بطريقة تفكيرهم، ونهجهم، ولنظرتهم إلى الدين، والناس، ومفهوم “الدولة”. فكل من يعارضهم في رؤيتهم أصبح مواليًا “للعدوان”، وكل من يرفض خطيبهم هو “مخرّب”، وكل من لا يصفق لهم يُعد “عميلاً”.
أخطر ما في هذا البيان، أنه لم يكتفِ بتبرير القتل، بل أراد أن يجعل من الاعتراض نفسه جريمة. وهذه هي المرحلة الأكثر فتكًا في سلوك الجماعات المتسلطة التي تعتبر الرأي تهمة، والاختلاف خيانة تستحق عقاب صاحبه بالتصفية الجسدية.
مقتل الشيخ صالح حنتوس، وبيان الجماعة بشأنه، يجب ألا يُقرأا في سياق حادثة فردية، بل كدلالة سياسية وأخلاقية خطيرة على طبيعة هذاالنظام.
إنها جماعة لا ترى الناس شركاء، بل أدوات طيعة، ولا ترى المسجد بيت عبادة، بل مركز تعبئة، ولا ترى المخالف خصمًا يُجادل، بل خطرًا يُصفّى.
إنه بيان كُتب للدفاع عن الجريمة، لكنه انتهى إلى كشف بنيةالجماعة العميقة.