تابعت ردود الأفعال عبر وسائل التواصل الاجتماعي تعقيباً على خطاب الأخ اللواء مطهر الشيعبي مدير أمن عدن والذي ألقاه في الحفل الختامي لفعالية اليوم العالمي لمكافحة المخدرات .
والحقيقية أنَّني هنا أحييه وأشكره لكونه المسؤول الوحيد الذي تطرق إلى قضية التعليم ،وإلى خطورة عدم انتظام الطلاب في مقاعد الدراسة .
وهو بهذا الحديث أعاد موضوع التعليم إلى الواجهة ، والذي ينبغي أن يؤخذ كأولوية قصوى من اهتمام القيادة السياسية أولاً ، ثم السلطات المحلية في المحافظات ، ثم المجتمع بكل أطيافه .
فهذه في الحقيقية تحسب له ، ويُشكر عليها ..
ولكنه أساء للمعلمين إساءة لا تُغتفر ، نتمنى أن يعتذر لهم بشكل رسمي .
سيادة اللواء .
هل تعلم أنَّ مهنة التعليم -في البلدان التي تحترم نفسها ، وتحترم شعوبها - مهنة مقدسة ؟
وهل تعلم أنَّ المعلم يُحظى فيها بامتيازات مجتمعية أكثر من غيره من شرائح المجتمع ؟
وهل تعلم أنَّه يتقاضى أعلى دخل في تلك البلدان ؟
وهل تعلم ، وهل تعلم ، وهل تعلم ؟؟؟؟!!!!
أعذرني سيادة اللواء أظن أنك لا تعلم ذلك!!
ولو كنت تعلم لأنصفت المعلم عندما تطرقت لموضوع التعليم .
أرعني سمعك سيادة اللواء .
هل تعلم أنَّ المعلم الذي - هددت بأنك ستتخذ ضده إجراءات قاسية - لم يحصل على ما نسميه معاشاً لشهرين متتابعين ؟
هل تعلم أن ما نسبته
%80 من العلمين يتقاضون ( 100) ريالاً سعودياً ومتوسط راتب المتبقين
لا يتجاوز ( 200) ريالاً سعودياً ؟
وهل تعلم أنَّ أولئك المعلمين والمعلمات مسؤولون عن أسر ، وأنَّ تلك الأسر تطالبهم بسد رمق الجوع ؟
فكيف لمعلم يعصر الجوع أمعاءه ، ويملأ الحزن قلبه ، ويشتت فكره هم أطفاله ...
كيف له أن يُبدع في مهنته ، وكيف له أن يفكر في الذهاب إلى مدرسته ، وكيف له أن ينضبط في دوامه ، وكيف لجهة ماء أن تفرض عليه الإلتزام بواجبه وهو لم يتحصل على أبسط حقوقه ؟؟!!!
أظنك سيادة اللواء تجهل المعنى الحرفي لكلمة ( الجوع) بل أظنَّ أنك لم تذقه في حياتك !!
ولو تذوقته يوماً لالتمست ألف عذر لهذا المعلم المسكين !!!
هذا هو حال المعلم الذي نطالبه بالقيام بواجبه ونحن
نهينه بطريقة ممنهجة دونما احترام لقيمته كإنسان في المجتمع ، ودونما توفير أبسط حقوقه !!!
هل تعلم أنٌ الطالب الذي رسب في تعليمه ، والذي هرب من مقاعد الدراسة لعدم اهتمامه بالعلم ...
أصبح اليوم قائداً مبجلاً يقود لواءً ، ولديه حراسة ، وربما ملك عدداً من الفلل الفخمة داخل اليمن ، وخارجه ، ولديه أرصدة بالعملة الخارجية ؟
ومعلمه يتقاضى (100) ريالاً سعوديأ !!!
اليوم وصل الحال بأستاذ دكتور في الجامعة أن يقدم نداءً استغاثة لتلميذه الراسب بأن يقبله جنديأ في لوائه حتى يحصل على ( الألف السعودي ) !!
بل وأزيدك من الشعر بيتاً..
هناك دكاترة يعملون في سوق القات ، وأخرون لديهم باصات يعملون من ( فرزة إلى فرزة ) وهناك من يعمل في مهن لا نريد ذكرها هنا ، وذلك لأنٌ رواتبهم لا تتجاوز ( 400) ريالاً سعودياً!!!
المعلم سيادة اللواء يهان ، المعلم يعيش أسوأ حالاته .
تخيل وصلت الإهانة بالمعلم أن يستغفل الطالب أستاذه وهو يؤدي واجبه أثناء الحصة الدراسية
ويهرب من إحدى النوافذ ليغيب ساعة ثم يعود ليستأذن للدخول مرة ثانية وهو يحمل بكلتي يديه ( الألف السعودي الملعون ) ويفركه أمام المعلم ، ويدخل الفصل الدراسي ، والمعلم في ذهول من هول هذه الفاجعة.
هل لك أن تتخيل هذه الصورة
( أنا لا أبالغ بذكر هذا المثال.... ولكنني أقسم بالله أنَّ هذه الحادثة وردت على لسان مدير عام إحدى مديريات محافظة أبين أثناء لقاء عام )
أنا هنا لا أقلل من قيمة ، وأهمية ما تطرقت إليه من
نتائج كاااارثية لعدم انضابط الطلاب في مقاعد الدراسة.
ولكن كنت أتمنى أن تكون شجعاعاً ، ومنصفاً وتحدد المسؤول الأول عن هذه الكارثة .
لو تحدثنا بكل لغاة العالم لقالت جميعها :
أنَّ المعلم الحلقة الأخيرة في قائمة المسؤولين عن التعليم ، وإن كانت أهم الحلقات .
سيادة اللواء ...
هل تستطيع إلزام حراستك الشخصية بالانضباط ، وممارسة مهامهم بشكل مستمر دونما توفر لهم صرفة يومية فضلاً عن الرواتب بالعملات الأجنبية ؟
وهل تجرؤ على إلزام إدارييك بالانضباط اليومي دون مقابل ؟
أجزم أنٌ ضميرك لن يسمح لك بذلك .
فكيف تلوم المعلمين إذا أضربوا عن التعليم والدولة عاجزة عن توفير رواتبهم الهزيلة ، فضلاً عن حصولهم على حقوقهم .
ومع هذا كله ، ورقم هذا العبث بحياة المعلم ...
نؤكد لك أنَّ المعلمين لا يزالون يؤدون دورهم ، ويقومون بواجبهم ، ومصرون على إيصال رسالتهم ....
لأنهم يستشعرون كل ما ذكرته ، وينطلقون من صميم واجبهم الوطني المقدس ...
لأنَّ الطلاب هم أبناؤهم ، وهم حريصون كل الحرص على تعليمهم ولو بالحد الأدنى .
فأرجو ألَّا نلوم الضحية ، ونترك الجزار !!
وأنا هنا أطبع قبلة على جبين كل معلم لا يزال ممتطي صهوة جواد التعليم ، وممتشقاً قلم التعلم ، ويصول ويجول في ميادين العلم....
رغم صعوبة الأوضاع التي يعيشها .
سيادة اللواء...
اليوم هناك شح واضح في المساعدات الدولية التي تقدم للتعليم .
وهناك عجز تام لدى الحكومة عن الالتزام بواجباتها تجاه المعلمين .
وهناك خطر بين يهدد انهيار المنظومة التعليميةوالتربوي والأخلاقية والقيمية في المجتمع...
وهناك أخطار تهدد أبناءنا الطلاب لعدم انضباطهم في مقاعد الدراسة .
لعلك تطرقت إلى جزء من هذه الأخطار وهي لجوؤهم إلى المخدرات .
إلى جانب ذلك سيكونون عرضة لجماعات الإرهاب ، والاستغلال بكل أشكاله .
لذلك ندعو سيادتكم لإطلاق مبادرة مجتمعية لإنقاذ التعليم طالما وقد طرقت بابه .
هذه المبادرة يتم تبنيها من قبل رئيس الحكومةوالوزراء المعنيين بالتعليم ومحافظي المحافظات ، ورجال المال ، والمنظمات المحلية ونشطاء المجتمع ، وأولياء الأمور ووووو.
من خلال هذه المبادرة يتم إلزام السلطات المحلية في المحافظات بإبجاد مصادر مالية لدعم المعلمين .
هناك إيرادات محلية ، وهناك رجال مال في كل محافظة ، وهناك منظمات تعمل في إطار المحافظات ، وهناك لجان مجتمعية ، ومجالس أباء ، وأئمة مساجد ، ونشطاء إعلاميون..
لو تكاتفت جهود الكل لتمكنا من إيجاد حلولاً إسعافية تشجع المعلم للقيام بواجبه .
علماً بأنَّ هناك مبادرات تمت في بعض المحافظات وهي ناجحة ، وكان من نتائجها استمرار التعليم.
وبالمناسبة نطلق هذا النداء للقيادة السياسية لأخذ زمام هذه المبادرة خاصة ونحن على أعتاب عام دراسي جديد .
صرخة أوجهها لكل ذي ضمير حي ...
أنقذوا التعليم..
أنقذوا التعليم..
أنقذوا التعليم...