المنطقة الحرة تفقد أحد أعمدتها.. وداعًا أستاذي سالم الفراص( أبا زرياب) ..

ريام المرفدي ..

هناك أشخاص لا يُغادرون برحيلهم، بل يستقرون في الذاكرة كعلامة فارقة، وكأن الحياة منحتهم وهجًا لا ينطفئ، مهما انسحبوا من المشهد...

وكان استاذي سالم الفراص أحد هؤلاء فلم يكن مجرد أديب وإعلامي بل كان ذو شخصية مخضرمة معاصرة وذاكرة ناطقة، ولسانًا صادقًا، ومثقفًا يؤمن بالكلمة كقيمة ومسؤولية، لا كأداة استعراض.

في سنوات العمل التي جمعتنا، لم أره يومًا يلهث خلف الأضواء، بل كان الضوء يتبعه حيثما حلّ بقلمة وكلماته وأسلوبة الادبي ..

كان يمسك بالقلم كما يمسك إنسان بمصباحه في العتمة، لا ليُبهر، بل ليهتدي ويُهدي فقد كان أديب بمعنى الكلمة ...

وفي حضوره، كان يعلو حديث المعرفة على أي ضجيج، وتغلب لياقة الأدب على فوضى التطفل.

أستاذي سالم الفراص لم يكن زميلًا عابرًا في الهيئة ، كان معلماً وأباً لنا لن أنسى إهداء كتبه لي في روايتك الى (أبنتي الغالية) هذه الكلمات لتذكريني بها .. كانت تعني لي الكثير أستاذي روحك تسكن كل ركن من أركان المنطقة الحرة، التي كنت تمارس الإعلام فيها بروح الأديب، وتكتب كمن يحفر في الذاكرة، لا على الورق تركت بصمات كثيرة في ذاكرتي.. رحيلك وإن كان صامتًا كما هي عادتك، لكنه ترك فينا فراغًا لا يُملأ غياب جسدك، لكن بقي أثره في كل كلمة صدحت بها ، وكل موقف مهني ، وكل نصاً كتبه فصار جزءً من ملامح المكان ..

كنت عاشقًا لعدن ولجمالها وسحرها، للبساطة، للمهنة، وهي الان تفتقدك كثيرا كما نفتقدك نحن ابنائك

في وداعك تتقاطع المشاعر بين الحزن والفخر.

حزن الفقد، وفخر أنني عرفت وتتلمذت على يد قامة أدبية بمثل نُبلك ونقاء حرفٍاً مثل حروفك ..

وداعًا أبا زرياب ..أستاذي ومعلمي ومديري ..

لقد كنت كبيرًا حين كنت بيننا، وأصبحت أكبر في غيابك.