آخر تحديث :السبت-02 أغسطس 2025-10:02ص

من الركود إلى النهضة يولد وطن …

الأحد - 29 يونيو 2025 - الساعة 02:58 م
عبدالعزيز الحمزة

بقلم: عبدالعزيز الحمزة
- ارشيف الكاتب



ليست النهضة مشروعًا يأتي من خارج الذات، ولا حُلمًا يلوح من بعيد.

النهضة روحٌ تُنفخ في جسد الأمة، فتبعثه من رُقاد، وتحرّره من سكون، وتُطلقه من أغلال الانكسار، ليكتب فصله الجديد بإرادة حرة، وعقل راشد، ونبض جماعي حي.


النهضة في اليمن: الفكرة التي طال انتظارها


في يمننا العزيز، حيث الركامُ متراكم، وحيث الدولة تُنازع بقايا سلطتها، والمليشيات تعبث بالمصير، والانقسام يُنهك الجسد الوطني… نحن لا نحتاج إلى مشروع وهمي أو مجرد شعارات، بل نحتاج إلى فكرة حيّة تُشعل الإرادة وتعيد ترتيب الأولويات.


تمامًا كما يصف المفكر جاسم سلطان، النهضة هي: "أفكار حية تتنزل على بيئة راكدة".

وما بيئتنا الوطنية اليوم إلا بيئة عانت من الاستبداد والانقلاب والتمرد، فترنّحت، ثم سكنت، وكادت تيأس… لكنها لم تمت.


لقد سكنت الحركة، وجمدت الرؤية، وتعثّرت الشرعية، وتصدّع المجلس الرئاسي، لكن الشعب لا يزال حيًّا، والوعي يتشكل، والإرادة تتململ.


إنها لحظة الحقيقة: هل ننتظر معجزة؟ أم نكون المعجزة؟

هل نظل أسرى للمليشيا والانقسام والتبعية، أم نُعيد تعريف ذواتنا كشعب يستحق الحياة، ويصنع مصيره بنفسه؟


النهضة: ليست شعارًا… بل مسار استعادة


الفكرة النهضوية في اليمن اليوم ليست ترفًا، بل ضرورة بقاء.

فنحن أمام خطر مزدوج:


انقلاب حوثي كهنوتي يُفرّغ الدولة من مضمونها، ويعيدنا إلى عصور الإمامة المظلمة.


وحالة مليشاوية تُقوّض الشرعية، وتمزق الجغرافيا، وتحوّل الحكم إلى سجون وتنازع وفساد.



في هذا الظرف، تكون النهضة أن نُعيد تعريف أنفسنا:


كمواطنين لا رعايا، كشركاء في دولة، لا أتباع لمليشيا أو جهة، كصنّاع وعي ومصير، لا مستهلكين لأزمات لا تنتهي.



النهضة: مدخلات فكرية… ومخرجات واقعية


النهضة في اليمن يجب أن تبدأ من الفكر، لكنها لا تكتفي به.

نحتاج إلى أن يسري في شرايين الدولة والمجتمع فكرٌ جديد:


فكرٌ يُحيي قيمة الدولة الجامعة لا المتشظية.


فكرٌ يرى الشرعية ليست مجرد حكومة، بل مشروع وطني جامع.


فكرٌ يرفض الضعف والتواطؤ والتقاسم الوظيفي للسلطة، ويطالب بإرادة جامعة تعيد ترتيب القيادة وتصحيح مسار القرار.



ومخرجات النهضة اليمنية يجب أن تتجلى في:


مؤسسات تؤدي دورها بلا وصاية ولا مليشاوية.


جيش وطني موحد لا جيوش مناطق وقبائل ومرتزقة.


تنمية حقيقية، لا مشاريع دعاية.


أمن وخدمة تصل إلى المواطن لا تُنهب باسمه.



النهضة: من الإنسان تبدأ… وبالشعب تُصان


ليست النهضة شأن النخب وحدهم.

بل هي قضية الفلاح في حقله، والمعلم في مدرسته، والطالب في جامعته، والجندي في متراسه، والمرأة في محيطها وبيتها، والشاب الباحث عن وطن لا يخذله.


لا نريد من كل يمني أن يقرأ الكتب الفلسفية، ولكن نريد من كل يمني أن يسأل نفسه:

ماذا أفعل اليوم لأجعل وطني أقل ألمًا وأكثر عدلًا؟


حين يتحوّل هذا السؤال إلى وعي عام، حينها تبدأ النهضة.


كيف يبدو اليمن حين ينهض؟


تخيّل يمنًا:


تعود فيه الدولة إلى العاصمة، لا إلى فنادق المنفى.


يُحكم فيه القانون لا البنادق.


تُبنى فيه المدارس لا تُفجّر.


يُحترم فيه الرأي لا يُطارد.


تُجمع فيه القوى الوطنية على مشروع جامع، لا مشروع تقاسم.


يُكسر فيه القيد الحوثي، وينتهي العبث المليشاوي، وتُعاد السيادة لأرض تستحق الحياة.

ينعم فيه المواطن بالأمن والاستقرار ، والنهوض الاقتصادي، ويجد فيه الخدمات العامة من تعليم وصحة وكهرباء ومياه


ذاك هو اليمن عندما يُبعث من ركامه.


النهضة تبدأ بك… وتكبر حين نصير "نحن"


لن يهبط علينا التغيير من السماء.

ولن نُمنح دولةً عادلة من خارجنا.

النهضة اليمنية تبدأ حين نُقرّر أن نكون أصحابها لا ضحايا تأخرها.


حين نرفض أن نكون جُزرًا متناحرة، ونختار أن نكون شعبًا له وطن.


حين نقول: كفى…

كفى فُرقة، وكفى وصاية، وكفى انتظارًا.


النهضة تبدأ الآن، وتبدأ بك.

فإن نهضتَ، ونهض معك آخرون، صار المستحيل ممكنًا، وصار اليمن وطنًا يُبنى لا يُنهب، ويُحكم لا يُدار، ويُحتضن لا يُباع.



---

✍️ عبدالعزيز الحمزة

الاحد ٢٩ يونيو ٢٠٢٥م