آخر تحديث :الجمعة-04 يوليو 2025-12:35ص

بانوراما الشرق الأوسط

الأحد - 29 يونيو 2025 - الساعة 10:21 ص
د.باسم المذحجي

بقلم: د.باسم المذحجي
- ارشيف الكاتب


اسْتِكشاف الأفق الديموغرافي، والتكنولوجي، والأيديولوجي، والاستراتيجي، والسلام للشرق الأوسط ، لايعني بالضبط تقديم قراءة افتراضية للمستقبل بحدود الأشهر / السنة القادمة بقدر مايتطلب أولًا الاستماع الى محاضرة "التاريخ التنبؤي" التي طرح فيها المؤرخ الصيني جيانغ شيويه تشين سيناريو الشرق الأوسط. حيث اعتمد جيانغ في تحليله على نظرية اللعبة لدراسة مواقف ترامب، الحرس الثوري الإيراني، وإسرائيل، موضحاً أن لكل طرف مصلحة في إشعال الصراع، لكن مع نتائج متباينة بشكل جذري، وفي المقابل يتوجب كذلك ثانيًا الإطلاع على كتاب «سلام ينهي كل سلام» أو سيناريو ديفيد فرومكين،و هو كاتب وقانوني ومؤرخ أكاديمي أمريكي، تخرج من جامعة شيكاغو، وهو الآن أستاذ في جامعة بوسطن يُدرِّس التاريخ والعلاقات الدولية والقانون..

-هل بات دونالد ترامب على بعد خطوات من جائزة نوبل للسلام؟أم أنه وقع ضحية اللعبة؟

لقد خلصتُ الى أن بانوراما الشرق الأوسط يعتمد ظاهريًا على الاستبداد الرقمي، والمنافسة الاقليمية ،والمشاكل البينية، والتغول الأيديولوجي، وانتشار التقنيات الخطرة، والفوضى الديموغرافيا ، وعدم حصر المشكلات الاقليمية، وكبح جماحها مثل :- تسرب الطلاب من المدارس ، وانتشار ثقافة الموت والبطالة والمخدرات بين الشباب، والإرهاب.

لكنها من وراء الكواليس تتوقف على إرادات الدول الكبرى، وتفاعلاتها الرئيسية في المواقف الأقليمية بناءًا على ما هي الحسابات السياسية ،والعسكرية ؛والاقتصادية لدول المنطقة؟ وعليه من المتوقع أن يشهد الشرق الأوسط كثيرًا من التطورات المهمة، ولكنها لن تكون تطورات مفصلية، وسيظل العرب وثرواتهم، وأموالهم غنيمة سواًء مع الحرب أو بدون .خصوصًا وأنه لم يتم حل جذور الأزمة في الشرق الأوسط ،بل ماحصل هو خلط أوراق، ولذلك سيتشكل لدينا سؤال منطقي وهو ما إذا كان أهل الشرق الأوسط راغبين، أو قادرين، على الاستمرار في العيش وفق ذلك_ فما يحدث الآن في اليمن، وليبيا، والسودان ، ولبنان ، وسوريا ..الخ _يعطينا جواب شافي. لنأخذ مثال الجمهورية اليمنية حيث ستبقى المسألة اليمنية تراوح موقعها في الفترة المقبلة لاعتبارات تتعلق بعدم توافر الإرادة السياسية للتوصل لحل حقيقي، وفي ظل صراع أطراف الشرق والغرب على الأولويات، ومنها دعم / إبقاء الأيديولوجيات المتطرفة أو تغذية الصراعات الأيديولوجية، والإرهابية حيث تنتهج الحكومات الإرهابية وغيرها من الدول سياسة زيادة دعم الميليشيات في اليمن ،والعراق، والصومال، وسوريا، ولبنان، والسودان، وليبيا. لكن يقابلها إطلاق حملة سرية لزعزعة ممالك الخليج، وتشرع إيران استكمال تطوير مدايات ترسانتها الصاروخية ،و إعادة بناء برنامجها النووي في مواقع شديدة التحصين تحت الأرض.

بالفعل فراغ القوى العُظمى المتعمد، وتدهور الأوضاع يقود الى إحياء الجماعات الإرهابية، وتغيير طرق أمداد الغاز المسال والنفط، لكن تبقى الحسنة الوحيدة في استمرار الدول النفطية بالشرقِ الأوسط في مساعدة الدول الأفقر بالمنطقة، إلى جانب التزام الإدارة الأمريكية بمعالجة قضايا الشرق الأوسط من خلال الدبلوماسية الاستباقية، والتي تعتمد على الحد من الوجود الصيني بالمنطقة ، ثم الروسي وأخيرًا الإيراني.

الدول العربية الغنية التي قامت إما بتطبيع العلاقات مع إسرائيل، مثل الإمارات العربية المتحدة، أو تفكر في التطبيع، مثل المملكة العربية السعودية، تقوم بـ”تجزئة” حرب غزة، على حد تعبير أحد الخبراء، مع التركيز على التنمية الاقتصادية ،ومحاولة عزل نفسها قدر الإمكان عن التداعيات كما حصل في اليمن.لكن تبقى مشكلتها بأنها حلفاء الولايات المتحدة وعلى رأسها" قطر"تقع في باب مدفع تدويل الصراعات الشرق أوسطية.

بات مؤكد بلغة استراتيجية إمتلاك دول شرق أوسطية غير أيران لقنبلة نووية، وجمهورية مصر العربية المرشحة الأولى عربيًا قد تنجح في خلق توأمة استراتيحية مع الصين وروسيا وكوريا الشمالية، وفي المقابل قد نجد مستقبلًا تركيا تحتكر أنبوب الغاز في الشرق الاوسط، وتمتلك دول المغرب العربي فرصة لتسبح عكس تيار الفوضى في التنمية وتطوير البلدان ومكافحة الإرهاب.

الخلاصة بأن الصراع يُفاقم التحديات الاقتصادية، والمستقبل كمالوأنه أصبح ماضي،و ستكون النتيجة النهائية بأن كُلفة الأيديولوجيا المتطرفة ،وفوضى تغييرها ،وإجتثاثها أقل من كلفة بقاءها على المدى البعيد، ولكل ماسبق نستنتج بأن ترامب"نعم" ممكن أن يحصل على جائزة نوبل ،وممكن " لا".