في عالم يضم أكثر من مليار ونصف مسلم سني، يطفو على السطح سؤال محوري: أين يقف هذا العدد الهائل من البشر حين تشتد الأزمات وتتعالى أصوات المواجهة؟
المفارقة المؤلمة أن كثيراً من السنة يكتفون بدور المتفرج، بينما يتصدر الشيعة مشهد المواجهة مع إسرائيل، فيتلقى هؤلاء سهام النقد والاتهام من أولئك الجالسين على الأرائك أو على عتبات المساجد.
حين يضرب الشيعة إسرائيل بقوة، يخرج بعض السنة ليحذروا من "جر المنطقة إلى حرب"، وحين تزداد الضربات قوة، يكتفي آخرون بالدعاء: "اللهم اضرب الظالمين بالظالمين"، وكأنهم يملكون مفاتيح الحل من خلف الشاشات.
أما إذا خفتت حدة الرد، فلا يتردد البعض في وصف ما يحدث بـ"المسرحية"، في مشهد يعكس حالة من التناقض واللامبالاة.
هذه السخرية من الذات، وتحويل القضايا المصيرية إلى مادة للتندر، تكشف عن أزمة أعمق من مجرد اختلاف مذهبي أو سياسي.
إنها أزمة وعي، وأزمة موقف، وأزمة أمة فقدت بوصلتها، حتى باتت "مسخرة" في عيون نفسها قبل أن تكون كذلك في عيون الآخرين.
العالم السني اليوم بحاجة إلى وقفة جادة مع الذات، وإلى مراجعة حقيقية لدوره ومكانته، بعيداً عن جلد الذات أو تعليق الآمال على الآخرين. فالأمة التي تكتفي بالمشاهدة والدعاء، دون فعل أو موقف، لن تكتب لها الريادة ولا حتى الاحترام.
عظم الله أجرنا جميعاً في عالم سني فقد الكثير من بريقه، وبات بحاجة إلى الصلاة عليه بأربع تكبيرات بل بحاجة إلى صحوة تعيد له مكانته ودوره في صناعة التاريخ.