آخر تحديث :الخميس-03 يوليو 2025-02:44ص

في دهاليز  الخذلان

السبت - 21 يونيو 2025 - الساعة 12:27 م
د. عوض احمد العلقمي

بقلم: د. عوض احمد العلقمي
- ارشيف الكاتب


في هذا اليوم الخميس الموافق 19 يونيو 2025 لميلاد المسيح ، قررت الخروج من المنزل نحو سوق الشيخ عثمان في حاضرة الظلام ، لعلي أجد نفرا من الأصدقاء ، أو غيرهم من الزملاء ، لكنني وجدت نفسي في سوق شبه مظلم ، تتجاذبه أصوات المولدات الصغيرة ، والجو ملوث بدخاخينها المزكمة ، وكأنك بين مئات من المهافي (بفتح الميم فالهاء ثم كسر الفاء ، ومفردها مهفى بكسر الميم وفتح الهاء ثم فتح الفاء ، والمعنى مصنع الفحم اليدوي العتيق ) ، الأمر الذي جعلني أستذكر زمن الصبا وليالي الإدلاج ، إذ كنت مغرما بالسير في الليالي المظلمة من غير إضاءة ، في هيوج جبل مبدار العميقة الضيقة ، التي تستوطنها شلالات المياه الهادرة ، وتسكنها تلك البرك العميقة ، التي تسبح فيها الضفادع ، والسلاحف ، وصغار الأسماك ، فأطرب كثيرا ، وأنا أستمع إلى أزيز الأشجار الكثيفة بفعل الرياح ، وأصوات الحشرات القابعة على أغصانها ، فضلا عن نقيق الضفادع من تلك البرك ، وخرير الماء المنذلح من الأعلى نحو الأسفل .


ولكن شتان مابين الأمرين ، فالمقارنة غير عادلة البتة ، ولا وجه للمقارنة بين نقيق المولدات وروائحها الكريهة في هذا المناخ الساخن وبين تضاريس جبل مبدار ، ومناخه المعتدل ، ومياهه النقية ، وروائح أشجاره العطره ، وأصوات مخلوقاته الطبيعية الساحرة ، فضلا عن زخم الشباب وقوته في سن العشرين ، وسلطة الشيخوخة في سن الستين والانحدار نحو الضعف .


وهنا جلست في مقهى ، احتسيت كأسا من الشاي ، جلس إلى جانبي شيخ مسن ، ولما رآني شارد الذهن ، غافل الحواس ، مهموم الفكر ، عابس المحيا ، ساخطا في الحياة ، اعتذر تلطفا ، ثم استأذن قائلا : أود أن أسألك ، فهل تسمح لي بذلك ؟ قلت : على الرحب والسعة ، سل مابدا لك.

قال : وكأني أراك مهموما يا أخي ، فهل استطيع مساعدتك للخروج مما أنت فيه ؟

أعزائي القراء نلتقي في السردية القادمة .