كتبت // ابتسام عبد اللطيف
لقد تجاوزنا مرحلة انهيار عملتنا اليمنية الأصيلة، تلك التي عشنا بها سنوات أعمارنا، منذ أن وُلدنا وكبرنا وترعرعنا في بلادنا الأم، عدن.
كانت العملة بسيطة، تحمل رائحة مميزة، وتلعب دورًا كبيرًا في تفاصيل حياتنا اليومية. كانت عملة الجنوب، العدنية، بطعمها ونكهتها الفريدة… عملة الفلسات والشلن، العملة المعدنية الأصلية.
نشأنا وتعلمنا، وتعلم أبناؤنا وأجيال قبل التسعينات بفضلها. كان لها عبيرٌ خاص يبهج النفس ويزرع البسمة على الوجوه.
كانت تلك عدن، أم الجنوب، وحبيبتنا التي أنجبت من خلال عملتها رجالًا ونساءً تخرجوا منها: الطبيب، الصيدلي، المهندس، المدرّس، الميكانيكي، الفلّاح، والمزارع… كوادر وأكاديميون تعلموا بصدق واجتهدوا بعلم.
لم يكن هناك فرق بين رجل وامرأة، الكل يتعلم في صفوف موحدة، والقلوب نظيفة متآلفة، تجمعها المحبة والتواضع.
ثم انتقلنا إلى الريال اليمني بعد الوحدة. وبرغم التغير، ظل التعليم ممنهجًا، والحياة بسيطة، والأسعار معقولة، فتكيفنا معها ولم نشكُ. كانت مرحلة لا بأس بها، مليئة بالرضا، وعشناها كما هي.
لكن… ما إن اندلعت الحرب، وامتدت نيرانها إلى عدن، حتى تغير كل شيء للأسوأ. عشنا الرعب والخوف، وتدهورت أوضاعنا المعيشية.
ومع مرور السنوات، دخلت العملة العالمية على الخط: الدولار الأمريكي والريال السعودي.
دخلنا في دوامة وهلع…
نعم، تحمّلنا الغلاء، والأسعار المرتفعة التي أنهكتنا. قاسينا، عانينا، وصبرنا كثيرًا حتى تسايرنا الحياة.
لكن اليوم، بتنا نعيش بين الدولار والريال السعودي.
لقد تجزأت عدن إلى دويلات تجارية، تُتداول فيها عملات متعددة: أمريكية، سعودية، إماراتية، وغيرها. أصبحت عدن الطيبة الغلبانة تُجبر على التعامل بها لتعيش وتستمر وسط هذا الوضع المأساوي.
بكل وضوح وألم، اختفت العملة اليمنية…
أين الرواتب؟ لقد تبخّرت.
أين العملة؟ انهارت.
أصبحنا نشحت بلقمة العيش بعملتنا المهترئة.
ضاعت الحياة… والمعيشة أصبحت شبه مستحيلة.
نصبر، ونقول: هل سيتغير الحال؟
أم سيبقى كما هو عليه؟
نحن موجوعون…
الكهرباء انقطعت، الماء انقطع، وانغلق كل شيء في وجوهنا.
صرنا نعيش موتًا بطيئًا…
آه يا عدن…
آه يا وجعي، ويا وجعك.
💔😔