في الفترة الأخيرة تغيّرت مواقف كثير من دول العالم تجاه سوريا.
الدول التي فرضت عليها الحصار بالأمس أصبحت اليوم تُسابق لتقديم الدعم.
الأبواب التي أُغلقت في وجهها لسنوات فُتحت دفعة واحدة.
العقوبات رُفعت، والاعترافات السياسية والدبلوماسية تدفقت من كل صوب.
فما الذي حدث؟
هل تغيّرت سوريا؟
هل بدّلت مواقفها؟ هل غيّرت خطابها؟
الجواب لا.
ما تغيّر هو الرجل الذي يقودها.
إنه أحمد الشرع.
رجل جاء من قلب المعركة، خرج من رحم المعاناة، من رماد المعارك، لا من كراسي الاجتماعات ولا موائد الفنادق.
قاتل في الجبهات، نام تحت القصف، جاع وصبر وواجه الموت ولم يهرب.
جاع، صبر، وقاتل، وواجه الموت برباطة جأش، ولم يتزحزح.
لم يكن تابعًا، بل صانع قرار. لم يأخذ تعليماته من سفارة، ولم ينتظر إذنًا من أحد.
كان قراره من صنع يده، لا من تعليمات السفارات.
كان يتحكم بقراره بنفسه، ولم يكن ينتظر توجيهًا من أحد.
لذلك احترمه العالم، لأنه رأى فيه قائدًا حقيقيًا، لا تابعًا ينفذ أوامر غيره.
فالعالم اليوم لا يعترف إلا بالقوي الذي يملك قراره.
ففي هذا الزمن، لا مكان إلا للأقوياء.
ولأنه خرج من عمق المأساة، لا من حضن التسويات،
فرض احترامه وانتزع الاعتراف بقوة حضوره،
وأعاد لسوريا موقعها، رغم الجراح والخراب.
أما نحن في اليمن؟
قادة لا يُعرف لهم موقف ثابت ومشاريع زعامة عاجزة عن مواجهة موظف دولي.
الجميع ينتظر اتصالًا من الخارج أو دعمًا من الخارج، أو تعليماتٍ من الخارج.
لا أحد عاش مع الناس معاناتهم ولا سمع أنينهم، ولا تذوق طعم الجوع معهم.
لم يعرفوا طعم المعركة، ولا عاشوا وجع الناس،
ولا شعروا بمرارة الجوع أو الذل أو الانطفاء.
الشرعية؟ تآكلت حتى أصبحت ظلًا باهتًا.
الانتقالي؟ تائه في التفاصيل، بلا بوصلة ولا مشروع متماسك.
الأحزاب؟ لا تجيد سوى إصدار البيانات الفارغة.
والمواطن؟
يواجه الجوع، المرض، الإذلال، الانقطاع،
بينما النخبة تتقاسم الفشل، وتتبادل التهم، وتتنصل من المسؤولية.
كفى عبثًا.
نريد قائدًا لا يساوم، ولا يتسوّل الاعتراف،
بل يفرض احترامه بقوة موقفه وصلابة إرادته.
قائدًا لا يُشاور السفارات، ولا ينتظر رضى العواصم،
بل يعرف أن القرار لا يُشترى... بل يُنتزع.
ختامًا:
نحن بحاجة إلى "أحمد الشرع" يمنيّ الصنع،
رجل لا يخضع، لا يخون، لا يساوم،
لا يعيش على الفتات، ولا يحكم من بعيد.
نحن بحاجة إلى قائد ينقذ الوطن... لا يساوم عليه.