آخر تحديث :الأربعاء-25 يونيو 2025-08:35م

قصة سقوط زنجبار والمحافظين الميسري والزوعري وجمال العاقل والوزير محمد ناصر والشهيد قطن.. تابعوا التفاصيل

الثلاثاء - 27 مايو 2025 - الساعة 09:43 م
علي منصور مقراط

بقلم: علي منصور مقراط
- ارشيف الكاتب


في مثل هذا اليوم الـ 27 مايو 2011م قبل 14 عاما من الآن استيقظ سكان مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين فجرا على سقوط مدينتهم بيد عناصر الإرهاب تنظيم القاعدة أو مايسمون أنفسهم أنصار الشريعة آنذاك . وقبلها بمايقارب شهر ونيف سقطت مدينة جعار المجاورة ومن أكبر مدن المحافظة..وكما وصف زميلي العزيز الصحفي فضل الشبيبي في مقالته عن المناسبة ذاتها ..تفاجئ أهالي زنجبار بأصوات الانفجارات المرعبة وسط مدينتهم الساحلية المسالمة فيما دوى صوت أحد عناصر القاعدة فجرا من مأذنة جامع الحاج احمد معلنأ سقوط المدينة بأيديهم .

على الأرجح لم يصدق الناس هول الحدث المفجع الا حين عرفوا أن جميع الأجهزة الأمنية غادرت زنجبار بسلام وتركتهم لادوات الموت والاجرام تبقى اللواء 25 ميكا في معسكره يدافع عن نفسه بعد انسحاب النقاط الأمنية التابعة له وبعض جنوده اغتيلوا كان القائد اللواء الركن محمد عبدالله الصوملي وأركانه الفقيد العميد علي جازع بقي القائد الصوملي في معسكره حتى تم تحرير زنجبار أو بالأصح انسحاب القاعدة بعد زها عام كامل .

شخصياً كنت يومها في عدن.كان المحافظ المرحوم اللواء الركن صالح الزوعري وتأكد لي شخصياً أنه لا علم له بمخطط إسقاط زنجبار والدليل أنه بقي محاصر حتى تدخلت بعض المشائخ بينهم الشيخ القبلي البارز طارق الفضلي لينسحب إلى عدن بينماء مدير أمن المحافظة العميد عبدالرزاق المروني غادر زنجبار الليلة قبل الماضية.ومنزله بالقرب من منزل المحافظ قوات الأمن المركزي والنجدة وبقية الوحدات الأمنية انسحبت فجر اليوم نفسه .

سكان المدينة غادروا ديارهم هروبا من المدافع التي كانت تتساقط عليهم واستشهد بعض المواطنين..في غضون 24ساعة خليت حاضرة أبين وعاصمتها زنجبار من السكان الذين نزحوا إلى عدن ولحج وحضرموت وغيرها في مشهد مأساوي محزن يندي جبين الإنسانية..نعم رحلت الأسر والنساء والشيوخ والأطفال إلى المصير المجهول افترشوا المدارس وبعض المباني الحكومية وعند من له اقارب.وهم غير مصدقين ولا في الخيال والحسبان ..عانوا أشهر إلى أكثر من سنة من الجحيم والبؤس وسارعت بعض المنظمات ورجال الخير تقدم مساعدات إنسانية إسعافية. لكم الكارثة كانت كبيرة.


عموماً تحولت زنجبار وجعار وغيرها من مدن المحافظة إلى مسرح حرب ضد الإرهاب نيابة عن العالم والمجتمع الدولي والولايات المتحدة الأمريكية التي تكافح الإرهاب .

سقطت محافظة أبين بيد الإرهاب وفق مخطط سياسي ممنهج ومعروف ودفعت الثمن باهظاً . لم تتبقى غير مديرية لودر التي انتفض شبابها ورجالها وشيوخها واقسموا اليمين بالتصدي لمسلحي تنظيم القاعدة ولن يسمحوا بدخولهم مدينتهم الا على جثثهم .

كان هناك معسكر اللواء 115 مشاة في محيط المدينة ومتواجد فيه أركان اللواء الركن فرج حسين ابوبكر العتيقي ومن حسن حظهم لم يكن القائد متواجدا اتخذ العتيقي ويشغل حاليا قائدا اللواء 11حرس حدود في ثمود قرارا بالوقوف مع أبناء لودر وقام بتزويد ابطال المقاومة اللودرية الأبية إلى جانب جنود اللواء بما معه من عتاد وذخائر.. واستمرت المعارك العنيفة الدامية على أبواب المدينة وتكبدت عناصر القاعدة خسائر باهظة في الأرواح والعتاد ورغم حشودها من كافة المحافظات وبما اغتنمته من عتاد عسكري فتاك إلا أنها انكسرت أمام صمود اسطوري وشجاعة واستبسال اظهره المدافعين عن الأرض والعرض والعزة والكرامة من أبناء لودر وساندتهم لاحقا بعض القبائل.

كان محافظ ابين آنذاك المغفور له باذن الله اللواء صالح حسين الزوعري رحمه الله في عدن لاحول له ولا قوة. وهو عسكري وأمني وكان يحدثني أنه لو كان عندة كتيبة سيقودها لقتال القاعدة قبل دخول زنجبار. لكنه خذل ولم يدرك بالمخطط . من لايعرف أن الزوعري خلف طيب الذكر محافظ ابين الأسبق المناضل احمد الميسري . ولأن المخطط الجهنمي أعد بدقة من نظام الرئيس السابق علي صالح فقد تفاجأ أبناء محافظة أبين بقرار تغيير الميسري في ظرف عصيب وخطير كانت القاعدة تهدد أبين . وتشن هجمات اغتيالات العشرات من الضباط والجنود.. مثل قرار اخراج الميسري من أبين صدمة للجميع لأن القاصي والداني يعرف أن الميسري سيواجه قوى الإرهاب وقدم الغالي والنفيس في مواجهتهم وتعرض لكمائن لاغتياله واغتيل شقيقه الشهيد علي وآخرين في موكبه بمدخل مودية بعد واقعة اغتيال مدير أمن مودية المقدم عبدالله البهام .

يبدوا أن الله كان مع الميسري فلو بقي محافظ لن يخرج من زنجبار إلا جثة هامدة .

بعد مرور أشهر من سقوط زنجبار ومعظم مدن أبين صدر قرار جمهوري بتعيين الشيخ جمال ناصر العاقل محافظا لمحافظة أبين كان وكيلا لمحافظة حجة ، أن هذا القرار والإختيار اصر عليه نائب الرئيس المشير عبدربه منصور هادي الذي يعرف العاقل تماما وأنه الوحيد المنقذ لمحافظته المحتلة من القاعدة.. بعد اخراج الميسري. والاثنين ينتمون إلى قبيلة المياسر .. وجد المحافظ الجديد جمال العاقل نفسه في موقف حرج وصعب وتحدي أمام خيارات المغامرة والتضحية حتى برأسه .. بعد أداء القسم الجمهوري رفض التوجه إلى عدن ومتابعة سير المعارك من هناك . توجه ليلا من العاصمة اليمنية صنعاء صوب ذمار والبيضاء وجبل ثرة وصولا إلى معسكر لودر ومن هناك حيث معارك الشرف تدور رحاها وتصل قذائف القاعدة إلى المعسكر أدار المعارك والمحافظة المحتلة التي لم تتبقى منها غير تلك الرقعة الجغرافية المحدودة فمكث في مركز العمليات ويسكن إحدى الدشم المهترئة بقناعته دون ضغوطات واستمر الحال حتى تم تحرير المحافظة من مسلحي القاعدة بقيادة قائد معركة السهم الذهبي الشهيد البطل اللواء الركن سالم علي قطن ومحمود الصبيحي وفيصل رجب وغيرهم .وبإشراف مباشر من القائد العسكري والخبير الإداري الاستراتيجي الفريق الركن محمد ناصر أحمد وزير الدفاع حينها حفظه الله ورعاه واطال فدخل يومها المحافظ جمال العاقل والوزير الفريق محمد ناصر أحمد والشهيد سالم قطن زنجبار وكنت مرافقا إعلاميا عسكريا وزاروا اللواء 25 ميكا استقبلهم يومها اللواء محمد عبدالله الصوملي بالقرب من المعسكر وكان بصورة مذهلة لم يحلق شعر رأسه وذقنه طوال عام وبعدها اتجهنا إلى معسكر 7 اكتوبر بمدينة الحصن والى جعار واذكر في ذلك النهار كان نائب مدير دائرة التوجيه المعنوي والاخ العزيز العميد الركن يحيى عبدالله بن عبدالله السقلدي ومازال حياً على اتصال مباشر بي املئ عليه خبر تحرير محافظة أبين وزيارة وزير الدفاع ووالخ .

ولأن الحديث سيطول ويطول عن هذه المأساة أن دخلنا في التفاصيل. لكن باختصار فقد تحمل يومها المحافظ جمال العاقل المسؤولية وهو رجل عاقل اسم على مسمى واداري وذكي ومحترم . وقرر السكن في زنجبار المدمرة في بيت المحافظ الذي بني على ضفاف البحر منطقة الشيخ عبدالله واستطاع بصبر وحكمة ومرونة من تطبيع الأوضاع وتضميد الجروح وقراره البقاء في زنجبار شجع الأهالي إلى العودة تدريجيا إلى منازلهم الذي لم تطلهم قذائف التدمير . كانت يومها زنجبار مدينة أشباح وكنت حزين على المدينة التي احببتها من اعماق قلبي وتعلمت وعملت فيها عقود من الزمن.

إلى هنا وحتى نلتقي سلااااااااااام