آخر تحديث :الأحد-17 أغسطس 2025-05:54م

الصحة أم المال؟

الثلاثاء - 27 مايو 2025 - الساعة 04:56 م
محمد عبدالله المارم

بقلم: محمد عبدالله المارم
- ارشيف الكاتب


الإنسان يضحي بصحته من أجل كسب المال، ثم يضحي بالمال لمعالجة صحته — مقولة تختصر واقعًا نعيشه. لحظات قليلة من التأمل في هذه العبارة كفيلة بأن تكشف لك مفارقة قاسية: نسعى خلف المال بكل جهد، ثم نصرفه في محاولة استعادة ما فقدناه من الصحة.

السؤال المطروح: أيهما أهم في حياتنا، الصحة أم المال؟

هل يمكن التضحية بالصحة مقابل المال؟ أم أن المال لا يساوي شيئًا حين نخسره في سبيل العلاج؟

إذا وُضع الاثنان في كفتي ميزان، فإيهما سترجّح؟

قد تختلف إجابتك عما تفعله يوميًا... وقد تكتشف أنك تعيش عكس ما تؤمن به.

هذا السؤال ليس عاديًا، بل فلسفي بامتياز. لا توجد له إجابة واحدة، لأنه يرتبط بعدة عوامل: السن، الظروف، قناعات الإنسان، حالته الجسدية، وطموحاته. فهناك من يعمل بإفراط ويهمل صحته، وهناك من يرى أن لا شيء يسبق العافية.

في المجتمعات الفقيرة، قد يبدو المال أولوية قصوى، بينما في بيئات مستقرة قد تُقدَّم الصحة على كل شيء. التفاوت واضح، والقرار فردي بامتياز.

لكن الثابت في كل الأحوال أن التوازن هو الحل. لا ينبغي أن يُضحّى بالصحة من أجل المال، ولا أن يُهمل العمل بحجة الحفاظ على العافية. المال وسيلة، والصحة حياة. لا غنى عن أيٍّ منهما، لكن الانحراف نحو أحد الطرفين فيه خلل كبير.

وقد حسم النبي ﷺ هذا المفاضلة حين قال:

«لا بأس بالغنى لمن اتقى، والصحة لمن اتقى خير من الغنى، وطيب النفس من النعيم» (سنن ابن ماجه).

المال يستطيع أن يأتي لك بطبيب، لكنه لا يشتري لك العافية.

الصحة إذا ضاعت، لا يعوّضها مال. أما المال، فذو طبيعة متقلبة، يأتي ويذهب. ومن هنا، يصبح الوعي بقيمة الصحة أمرًا لا يُنتظر فقدانها لاكتشافه.

علينا أن نعمل، نعم. لكن بوعي. لا نُحمّل أجسادنا فوق طاقتها، ولا نتكاسل فنفسدها بالركود. التوازن في كل شيء هو سر النجاح وطول البقاء.

والخلاصة، كما لخصها النبي ﷺ:«من أصبح منكم آمنًا في سِربه، معافًى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بأسرها» (رواه البخاري).