إلى الأشقاء في الرياض وابو ظبي
عقدٌ من التدخل العسكري والسياسي، لم يُفضِ إلى نصرٍ واضح، ولا إلى هزيمةٍ حاسمة. تحالفٌ تقوده السعودية والإمارات باسم “الشرعية”، وبشعار “إنقاذ اليمن”، انتهى به المطاف إلى بلدٍ ممزق، منهك، مفكك السيادة، وشعبٍ يتضور جوعاً ويبحث عن كرامته في ركام الفوضى.
اليوم، وبعد كل هذا الخراب، نكتب هذه الرسالة المفتوحة إلى التحالف: لا نحتاج إلى مزيد من “العواصف” العسكرية، بل نحتاج إلى عاصفة يمنية - يمنية للسلام. فاليمن أنهكته الحروب، وما عاد يحتمل.
أولاً: عقدٌ من الفشل – تقييم صريح للمآلات
منذ 2015 وحتى اليوم، لم يتحقق الهدف المعلن الأول للتحالف: إعادة الشرعية وإنهاء الانقلاب. فعبدربه منصور هادي أقصي بترتيب إقليمي، وتم اختزال الشرعية في “مجلس رئاسي” لا يملك شرعية الشارع ولا قرار الحرب ولا قرار السلم.
في الشمال، الحوثيون صاروا أقوى وأكثر رسوخاً.
وفي الجنوب، الفوضى سيدة الموقف، تتعدد المليشيات وتضيع الدولة.
وفي مأرب، تُستنزف الأرواح والموارد في معارك بلا أفق.
هل هذه هي اليمن التي وعدتم بها؟
أم أنها “يمن مجزأ” يُدار بالوكالة لخدمة مصالح غير يمنية؟
ثانياً: ماذا يريد الشعب اليمني؟
الشعب اليمني لا يريد وصاية، ولا يحتاج إلى أوصياء.
يريد:
• دولة تحكم بعدالة.
• جيش موحد يحمي لا يبطش.
• اقتصاد يوفّر لقمة العيش والدواء والتعليم.
• حياة كريمة بلا جبايات، بلا مليشيات، بلا طوابير وقود وغاز وماء.
لقد دفع اليمنيون ثمناً باهظاً في الأرواح والمستقبل من أجل مشاريع لم يختاروها، ولحروب لم يصوتوا عليها، ولأجندات لا تعنيهم.
ثالثاً: لماذا عاصفة سلام يمنية - يمنية؟
لأن لا أحد غير اليمنيين قادر على إنقاذ بلدهم.
ولأن كل محاولات الاستيراد السياسي فشلت.
اليمن اليوم بحاجة إلى:
• مؤتمر حوار وطني شامل لا يُقصي أحداً.
• مصالحة بين الشمال والجنوب، وبين الدولة والمجتمع، وبين الأحزاب والقوى المسلحة.
• اتفاق سلام برعاية يمنية خالصة، بدعم دولي وإقليمي، لا بسيطرة إقليمية.
رابعاً: دور التحالف – مراجعة واستدراك قبل فوات الأوان
يا أشقاءنا في الرياض وأبوظبي:
إن كنتم تريدون فعلاً خير اليمن، فابتعدوا قليلاً عن عقلية “الوكالة”، وادعموا مساراً يمنياً خالصاً للسلام.
عودوا إلى جوارٍ حكيم، لا إلى تدخلٍ مباشر.
• ساعدوا اليمن بإعادة الإعمار، لا بإعادة التسلح.
• ادعموا الحوار، لا المليشيات.
• افتحوا المجال للسلام، لا لتكرار سيناريوهات ليبيا والسودان.
خامساً: الرسالة الأخيرة
لقد تعبنا.
شعبنا يُهان ويُجَوّع ويُقسم كغنيمة.
لكن برغم كل شيء، لا يزال اليمنيون قادرين على النهوض إذا وجدوا فرصة للسلام الحقيقي، بعيداً عن البنادق المستأجرة والسياسات المستوردة.
نقولها اليوم بصدق ومحبة ووجع:
دعونا نبني عاصفة سلام يمنية – يمنية.
فاليمن تعب منكم… ومنّا… ومن الجميع.
اللواء الركن سعيد محمد الحريري