آخر تحديث :الخميس-26 يونيو 2025-09:41م

هل لا تزال للشرعية شرعية؟

الأربعاء - 21 مايو 2025 - الساعة 12:12 م
عبدالناصر محمد العمودي

بقلم: عبدالناصر محمد العمودي
- ارشيف الكاتب



لقد أدى تعدد مراكز القرار وغياب الإرادة السياسية المستقلة إلى فقدان الثقة العامة، بعد أن أُرتهن القرار الوطني للدول الحاضنة، مقابل امتيازات شخصية تمثلت في السكن والخدمات والمعيشة والرواتب والهبات الشهرية. وتجاوز الأمر ذلك إلى مساعٍ فردية لامتلاك شقق، وفيلات، ومشاريع استثمارية في الخارج، وهي وقائع لم تعد خفية على الشارع اليمني، بل أصبحت مكشوفة في دوافعها ومواقعها.


المصلحة الوطنية أُهملت عمدًا، ليس فقط في سنوات الحرب الأخيرة، بل منذ سقوط النظام الملكي وانهيار نظام السلطنات، ومرورًا باغتيال القادة الوطنيين أمثال الرئيس إبراهيم الحمدي وسالم ربيع علي. تحولت موارد اليمن إلى أدوات مساومة، في وقت أُغدقت فيه الأموال على بعض مشايخ القبائل والساسة، الذين تحوّلوا إلى أدوات بيد القوى الطامعة، على حساب السيادة والقرار المستقل.


أما المواطن، فقد بقي فريسة للمعاناة اليومية، بين فقر متزايد، وصراعات قبلية ومذهبية تستنزف طاقاته وآماله. لا تنمية تُذكر، ولا دولة تُبنى، بينما تُستنزف خيرات البلاد، وتُحتل الموانئ، وتُقيّد الأجواء، وتتحوّل المنافذ إلى أدوات ابتزاز وقيود عبور.


ورغم كل ذلك، لا يزال بعض الخطاب الإعلامي الموجّه يروّج بأن ما يجري هو "في مصلحة اليمن"، بينما الواقع ينطق بخلافه. لقد أصبحت ما تُسمى "الشرعية" محل سخرية، في حين ينعم أفرادها بخيرات الخارج، ويوجّه أولياؤهم جيوشًا إلكترونية للطعن في كرامة اليمنيين، والتلميح بأن تلك الدول قدمت لليمنيين ما لا يُحصى، وهو ادعاء تكذّبه كل الشواهد.


لكن، ماذا وصل فعليًا إلى المواطن؟


كل ما وصل إلى الشعب كان:


مساعدات غذائية فاسدة،


طرقات مدمّرة،


كهرباء منقطعة،


مياه ملوثة،


منافذ مزدحمة،


ومطارات لا تعمل إلا بإذن خارجي.

حتى الرحلات الجوية القليلة تحوّلت إلى مصدر فساد، بأسعار خيالية، وابتزاز منظم للمسافرين.



ووفقًا لتقرير برنامج الغذاء العالمي لعام 2024، فإن أكثر من 17.4 مليون يمني يواجهون انعدامًا حادًا في الأمن الغذائي، ويعاني الملايين من نقص حاد في الكهرباء والمياه والرعاية الصحية.

(WFP – Yemen)


وتشير تقارير فريق الخبراء التابع لمجلس الأمن إلى تفشي الفساد، وتحويل المساعدات، واستحواذ شخصيات نافذة على موارد الدولة، ما ساهم في تقويض ثقة المواطن فيما يُسمى بالشرعية.

(UN Security Council Yemen Reports)


فمن يتحمل المسؤولية أمام هذه الفوضى؟

وأين هو الموقف الحقيقي للمجتمع الدولي الراعي لهذه الوصاية؟

ولماذا الصمت أمام هذا الانهيار؟


تشير تقارير منظمة الشفافية الدولية إلى أن غياب الرقابة والمساءلة شكّل بيئة خصبة للفساد، واستغلال النفوذ، وتعزيز المصالح الضيقة على حساب المصلحة الوطنية.

(Transparency International – Yemen)


فهل بعد كل هذا، يمكننا الحديث عن شرعية؟


هل هناك شرعية تستدعي المحتل وتدعي السيادة؟


هل هناك شرعية تُفرّط بمقدرات البلد وتضعها رهينة لأجندات الخارج؟


هل هناك شرعية تكتفي بالفتات، بينما تُساهم في تجويع الشعب وتفتيته؟


هل هناك شرعية تبيع الجزر وتُهجر السكان؟


هل هناك شرعية تُهين المواطن في غربته، دون أدنى تمثيل دبلوماسي محترم؟


هل يُعقل أن تتحول المدارس اليمنية في الغربة إلى مشاريع فساد صامت، يمتلكها رؤوس تدّعي تمثيل الشرعية؟



وأخيرًا، هل تهتم الدول الموصوفة بـ"الرعاة الدوليين" بالشأن اليمني فعلًا، أم أن اهتمامها محصور بخيرات الأرض فقط؟ والتهجير الممنهج لإخلاء الارض؟


لقد آن الأوان لأن يدرك الشعب الحقيقة كاملة:

ما يُسمى اليوم شرعية، لم تعد إلا ورقة محترقة، تتناثر رمادًا في مهب مصالح الخارج. فهل نستفيق؟


e.g.PME ABDULNASER ALAMOUDI