آخر تحديث :الأحد-15 يونيو 2025-12:04ص

من الرياض يُصنع القرار: كيف أعاد محمد بن سلمان تشكيل المنطقة ؟

الأربعاء - 14 مايو 2025 - الساعة 01:12 م
عبدالجبار سلمان

بقلم: عبدالجبار سلمان
- ارشيف الكاتب


في زمنٍ تتغير فيه ملامح العالم، لا يكفي أن تكون دولة نفطية، أو تملك الثروات الطبيعية، بل الأهم أن تملك الشجاعة في اتخاذ القرار، والعبقرية في هندسة المستقبل. وهذا ما فعله صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان. لم تكن التريليونات التي ضختها المملكة العربية السعودية في السنوات الأخيرة مجرد أرقام عابرة في دفاتر الميزانيات، بل كانت خريطة دقيقة لمستقبلٍ يُبنى على الذكاء، ويُدار بالحداثة، ويُنفذ بالشجاعة. من الذكاء الاصطناعي إلى الطاقة المتجددة، من السياحة المتقدمة إلى صناعة السلاح، ومن مراكز البيانات إلى مشاريع الفضاء، تمتد استثمارات المملكة كجسور للمستقبل. كان ولي العهد محمد بن سلمان يدرك منذ البداية أن الانتظار ليس خيارًا، وأن صناعة الفرصة خير من ملاحقتها. وهكذا أصبحت السعودية ليس فقط لاعبًا عالميًا، بل مصنعًا للقرار، ومحورًا لاستقطاب كبرى شركات العالم، وزعمائه. في ظل رؤية 2030، تحولت المملكة إلى أرضٍ تُدار بعقلية مختلفة: عقلية تؤمن أن المستحيل ليس سعوديًا. أصبحت الرياض قلبًا نابضًا للقرار العالمي، ومركزًا للتوازنات الإقليمية، حتى أن رئيس أقوى دولة في العالم، دونالد ترامب، بدأ جولته الرئاسية من الرياض، لا من روما ولا من باريس ولا من لندن، في رسالة واضحة مفادها: من أراد أن يتحدث مع الشرق الأوسط والعالم العربي والإسلامي، فليبدأ من السعودية. هذه ليست مجاملة سياسية، بل اعتراف بواقع جديد صاغته إرادة شاب، جمع بين الجرأة والتخطيط، وغيّر وجه المنطقة. محمد بن سلمان لم يكن مجرد قائد لدولة، بل مهندسًا لرؤية شرق أوسط جديد، يتحدث بلغة الاستثمار والسلام والتنمية. في عهده، لم تعد المملكة تتبع الأحداث، بل تسبقها، ولم تعد تكتفي بالمراقبة، بل تصنع التحول وتقوده. وفي الوقت الذي تنشغل فيه بعض الأصوات بالسخرية والنقد السلبي، كانت السعودية تطلق أكبر مشاريعها، وتفتتح مناطقها الاقتصادية والسياحية، وتبرم صفقات بمئات المليارات، وتُنشئ صناعات متقدمة. باتت المملكة نموذجًا يحتذى به في التحول الجذري السريع المدروس، وتحولت من دولة نفطية إلى قوة اقتصادية متنوعة، ترسم طريقًا جديدًا لمنطقتها. لنقارن هذا المشهد بما يحدث في اليمن. الدولة الجارة التي غرقت في فوضى الميليشيات والانقسامات، وسط فساد يضرب مفاصل حكومتها الشرعية الضعيفة، ويتنازع أطرافها على السلطة بدلًا من توحيد الصفوف. مؤسسات الدولة منهارة فلا أمن ولا أمان، والخدمات معدومة، والبطالة والفقر في تصاعد مرير، بينما الشعب يدفع ثمن فوضى لا نهاية لها. في جنوب اليمن تشرذم بين فصائل لم تستطيع حتى على إنارة شارع واحد. تسيطر ميليشيا الحوثي على معظم مناطق اليمن بالحديد والنار. ويغرقون الشعب في أزمات لا تنتهي، تحكم باسم الدين، وتسرق باسم “الوصاية”، و "الحق الإلهي" وتنفذ أجندة إيران في المنطقة دون أن تقدم لليمنيين سوى مزيد من القمع والتجويع وتكميم الأفواه بالسجن والقتل والأخفاء القسري. لم تبنِ دولة، ولم تنشئ جيلاً متعلمًا، بل زرعت الطائفية والعنصرية والطبقية، وفرّقت بين أبناء الشعب الواحد، وأحالت اليمن إلى ساحة لصراع مذهبي يخدم طهران أكثر مما يخدم الوطن. هناك، تضيع الدولة بين الميليشيا والفساد والمحسوبية والعمالة للدول الاجنبية، بينما في السعودية تُصنع الدولة وتُبنى المؤسسات وتُخلق الفرص. هذه الفجوة الهائلة بين السعودية واليمن ليست فقط في الاقتصاد أو البنية التحتية، بل في جوهر القيادة. ففي السعودية، قيادة تصنع المستقبل، وفي اليمن، قيادات تتنازع على الخراب. في السعودية، تُبنى المدن الذكية، وتُخلق الوظائف، وتُطلق الأقمار الصناعية. أما في اليمن، فحتى إنارة شارع في مدينة محررة تُعد إنجازًا صعب المنال. قال محمد بن سلمان ذات يوم: “المستحيل ليس سعودياً”. واليوم نرى أن هذا القول لم يكن شعارًا، بل عقيدة قيادة. من الرياض يُرسم القرار، ويُصنع السلام، ويُخطط للمستقبل. المملكة اليوم لم تعد مجرد دولة مهمة في الشرق الأوسط، بل أصبحت مركزًا عالميًا لصناعة المستقبل، تُعلم الآخرين كيف تُدار الدول، وكيف تُبنى الأوطان. التريليونات ليست أرقامًا، بل قرارات شجاعة. ومحمد بن سلمان ليس فقط رجل المرحلة، بل قائد التحول وأيقونة الشرق الأوسط الجديد. من يراقب السعودية اليوم، يرى كيف يُعاد رسم الخريطة من جديد… من قلب الرياض.