آخر تحديث :الأحد-17 أغسطس 2025-05:47م

حين يأتي الجلاد في ثوب المنقذ والمُخَلِّص

الأربعاء - 14 مايو 2025 - الساعة 09:52 ص
محمد عبدالله المارم

بقلم: محمد عبدالله المارم
- ارشيف الكاتب


لا يكاد يمرّ يوم، ولا تمرّ ساعة، إلا ونسمع أو نقرأ خبراً عن دولة أجنبية، وأخرى عربية، أرسلت مساعدات إنسانية، وثالثة أرسلت باخرة طبية، ورابعة جاءت بطائرة إغاثة إلى دول أنهكتها الحروب وأثقلها الفقر. في الوهلة الأولى، تبدو هذه المساعدات وكأنها يد العون التي تمتد في لحظات الأزمات


لكن عندما نتمعّن في الحقيقة نكتشف أن *اليد التي تُقدّم المساعدة هي ذاتها التي أضرمت النيران في الأساس؛ هي من زرعت الخراب، وأشعلت الفتن، وأرسلت الوكلاء ليُكملوا المهمة.*

ففي بلادنا (اليمن)، وفي ليبيا، وفلسطين، وأفغانستان... تتكرر القصة بتفاصيل مختلفة، لكن السيناريو واحد، والمخرج لا يتغير.


يحدثونك عن السلام، ويغرقونك في الحرب. يتغنّون بحقوق الإنسان، ويقصفون المستشفيات والمدارس. يرمونك في البحر، ثم يلقون إليك قشة، ويقولون: أنقذناه!

أي سخرية هذه؟ *وكم هو مؤلم أن يكون الجلاد هو من يدّعي النجاة*.


*أما الدول المانحة، فلا تمنح شيئاً مجاناً. كل دولار له ثمن، وكل كيس دقيق تحته شرط، وكل شحنة دواء خلفها بند خفيّ في ملف التبعية السياسية أو الاقتصادية.*


الأمر أشبه *بلعبة قط وفأر:* يُجَوّعونك ليجبروك على الركض خلف قطعة الجبن، ثم يضعونك في قفص التبعية. وكلما صرخت من الألم، زادوا من "منحهم" المشروطة، حتى تنسى أنهم سبب الألم من الأساس.


ثم يتحدثون عن الإعمار... بعد أن تسقط المدن، وبعد أن يُدفن الأمل تحت الأنقاض. يأتون بمؤتمراتهم الكبيرة وكأنهم سيُعيدون الحياة، بينما لا يزرعون إلا مزيداً من السيطرة، ومزيداً من الهدايا المفخخة.


هي مسرحية مملة وقذرة كُتبت منذ عقود؛ الممثلون أنفسهم، والضحايا أنفسهم. يُجوّعونك، ثم يعطونك كسرة خبز لتشكرهم، ثم يُذكّرونك بأنك مدين لهم!


المساعدات ليست بريئة، بل هي جزء من اللعبة. لعبة: أطعموا الشعوب، كي لا تفيق.


لكننا بحاجة أن نفيق، أن نصرخ، أن نعيد ترتيب وعينا:

فاليد التي تطعنك، لا يمكن أن تكون هي نفسها التي تُضمّد جراحك...* إلا إذا كنا لا نزال نؤمن أن الجلاد يمكن أن يتحوّل إلى ملاك!