آخر تحديث :الثلاثاء-01 يوليو 2025-12:57م

إنماء القديمة … الفاتيكان المنسية بين المنصورة والبريقة.

السبت - 10 مايو 2025 - الساعة 10:52 م
د. عارف محمد عباد السقاف

بقلم: د. عارف محمد عباد السقاف
- ارشيف الكاتب


في قلب العاصمة عدن، تقبع مدينة "إنماء القديمة" كأنها جزيرة مهملة في بحر متلاطم من الوعود المنسية، مدينة تحمل في طياتها التناقضات العجيبة، إذ نصفها يتبع مديرية المنصورة والآخر يتبع مديرية البريقة، لكن الحقيقة المؤلمة أن كلا النصفين تركا للضياع، وكأن الانتماء الإداري تهمة يتجنبها الجميع.


في إنماء، تنام الشوارع على ظلام دامس لعدم وجود الانارة وتستيقظ على ضجيج الحفر والمجاري الطافحة، تصرخ الأرصفة من الإهمال وتئن الجدران من غياب الخدمات الأساسية. لا هاتف، لا صرف صحي جيد، لا إنارة، ولا حتى شرطة تتبع المدينة بشكل كامل، فالقسم القريب منك بأمتار يحيلك إلى قسم آخر يبعد عنك كيلومترات. إنها بيروقراطية بلا قلب، يتقاذفك فيها المسؤولون كما تتقاذف الأمواج زورقاً بلا شراع.


لكن الغريب – بل والمؤلم – أنه حينما يتعلق الأمر بالواجبات الزكوية، أو الضرائب، أو الجبايات، تجد الجميع حاضراً! فجأة تتذكرها السلطات، ويصبح للمدينة كيان وموقع إداري لا يختلف عليه. وكأنما المدينة صالحة فقط عندما يراد منها أن تدفع، لكنها لا تستحق أن تعطى شيئاً.


وما يدعو للدهشة أن بين جدران هذه المدينة يسكن عدد من كبار المسؤولين والمحافظين ومديري المديريات، وقادة عسكريين، ومدراء عموم ومع ذلك لم نسمع منهم صوتاً، ولا رأينا لهم أثراً في تحسين مدخل المدينة، أو إصلاح شوارعها، أو حتى وضع لمسة جمال في مدخل يليق بها. بل إن صندوق صيانة الطرقات، وهو الذي اتخذ من المدينة مقراً له، لم يتبنَّ إصلاح أي شيء فيها، لا شارع رئيسي، ولا سفلتة، ولا إنارة، ولا حتى دوّار واحد للدخول أو الخروج منها رغم وعده بذلك، رغم أن المدينة تعاني من فوضى مرورية واضحة عند مداخلها تتسبب بالكثير من الحوادث المرورية و إزهاق الأرواح، الأمر الذي يتطلب إنشاء دوّار حضري ينظم حركة السير ويضفي لمسة تنظيمية تليق بإنماء وسكانها.


فإلى متى ستبقى "إنماء القديمة" بلا إدارة؟

وإلى متى ستعامل كأنها الفاتيكان، لا سلطة لأحد عليها ولا مسؤولية يتحملها أحد تجاهها؟

أليس من حق سكانها أن يعيشوا كما يعيش غيرهم؟

ألا تستحق أن تخضع لقيادة مديرية واحدة واضحة تتولى مسؤولياتها كاملة؟

ألا تستحق إنارة تضيء شوارعها، وسفلتة صالحة لعبور السيارات، وخدمات نظافة وتشجير تنعكس على مظهرها العام؟


إننا نوجه نداء صادقاً إلى الاخ محافظ محافظة عدن الاستاذ احمد حامد الاملس، وإلى كل الجهات المعنية، بأن ينظروا بعين المسؤولية إلى هذه المدينة، ويستمعوا لصوت سكانها الذين لا يطالبون بالامتيازات، بل بأبسط الحقوق، وبأن تعود إنماء إلى الخريطة، لا كمنطقة منفية، بل كجزء حي ونابض من مدينة عدن.