آخر تحديث :الجمعة-09 مايو 2025-03:56م

حين سقطت السيادة من نافذة البند السابع.

الأربعاء - 07 مايو 2025 - الساعة 12:42 م
اللواء الركن سعيد الحريري

بقلم: اللواء الركن سعيد الحريري
- ارشيف الكاتب



منذ لحظة وضع اليمن تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة عام 2014، باتت البلاد رسميًا تُدار بمنطق “الوصاية الدولية”، لا بمنطق السيادة الوطنية. فبين القرار الأممي 2140 والقرار 2216، انفتحت أبواب التدخل الأجنبي على مصراعيها، وجرى تحويل اليمن من دولة ذات سيادة إلى ساحة مفتوحة أمام مشاريع إقليمية ودولية، تحت ذريعة “دعم الشرعية واستعادة الدولة”.


عندما يُصبح الاحتلال تفويضًا دوليًا


ما حصل فعليًا أن التحالف السعودي-الإماراتي تلقى تفويضًا أمميًا ناعمًا لإدارة اليمن سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا، دون أن يُلزم بأي محاسبة. لقد سقطت السيادة اليمنية يوم قُيّد قرارها بـ”الواتساب”، وصارت الحكومة اليمنية نفسها لا تملك من أمرها شيئًا سوى انتظار التعليمات من الرياض وأبوظبي.


ولعل المفارقة الموجعة أن الحكومة – وهي تمثل الشرعية وفق القرار الأممي – باتت أكثر الكيانات عجزًا وعزلة عن الواقع والشعب. فهي لا تحكم، ولا تملك أدوات التنفيذ، بل تعيش على هامش الأحداث كشاهد زور على مذبحة وطن.


تقاسم النفوذ.. وبيع الجغرافيا


دخلت الإمارات على خط القرار عبر أدواتها المحلية من مليشيات ومجالس انتقالية، وسيطرت على الموانئ والجزر والمنافذ، فيما استحوذت السعودية على القرار السيادي والمؤسسات المالية. أما الموارد اليمنية، فتم تجميدها أو نهبها أو استخدامها كأوراق ابتزاز سياسي لترويض الأطراف الداخلية.


تحولت الخدمات الأساسية – كالكهرباء والمياه والرواتب – إلى سلاح ضد الشعب، وصار المواطن اليمني رهينة لصراع ليس له فيه ناقة ولا جمل، بينما الحكومات المتعاقبة تقبع في الفنادق، تصدر التصريحات، وتنتظر الوديعة التالية.


دولة بلا سيادة، وشعب بلا تمثيل


الوضع تحت الفصل السابع ألغى مفهوم “الدولة اليمنية” فعليًا، وأنتج بدائل هشة وهلامية:

• جيش بديل مفكك تتقاسمه القوى الإقليمية.

• سلطات موازية ترفع شعارات متناقضة.

• وسلطة رسمية تُستخدم لتبرير استمرار التدخل، لا لتسيير شؤون الناس.


أن ما نحن فيه من تخبط وفوضى ما هو إلا نتيجة مباشرة لوضع اليمن تحت الفصل السابع، حيث باتت الحكومات المتعاقبة مجرد “أرجوزات” تُحركها خيوط الخارج، بلا قدرة على الحل أو حتى الاعتراف بالفشل.


إلى أين؟


اليمن اليوم لا يحتاج قرارات جديدة، بل استعادة قراره الوطني المختطف. البند السابع يجب أن يُلغى لا لأن الأمم المتحدة تغيرت، بل لأن اليمنيين أنفسهم يجب أن ينهوا حالة التبعية والارتهان.

لقد آن الأوان لأن يُقالها بوضوح:

لا سيادة تُستعاد ما دام القرار يُصنع في الخارج، ولا دولة تُبنى ما دام الولاء لغير الشعب.


اللواء الركن : سعيد الحريري