آخر تحديث :السبت-10 مايو 2025-09:31ص

الشعوذة ليست محبة

الأحد - 04 مايو 2025 - الساعة 11:07 ص
شهاب سنان

بقلم: شهاب سنان
- ارشيف الكاتب


في كثير من المجتمعات اليمنية، ومع تصاعد الضغوط الاجتماعية والاقتصادية، ما زالت بعض الأسر تلجأ إلى أساليب خاطئة لحل النزاعات الزوجية، وعلى رأسها اللجوء إلى الشعوذة والسحر. هذه الممارسات التي تغلفها بعض العقول بالنية الطيبة تُرتكب أحيانًا تحت مسميات "جلب المحبة" أو "رد الزوجة"، لكنها في حقيقتها أبواب محرّمة وطرق تؤدي إلى تفكك الأسرة، وظلم الأزواج، وتشريد الأطفال.


تبدأ المأساة حين تظهر أولى بوادر الخلاف بين الزوجين، فيدخل الأهل من الطرفين بدافع الإصلاح. ولكن بدلاً من أن يكون التدخل مبنيًا على الحوار والنصح والاحتكام إلى العقلاء، يتحول الأمر إلى تهديد وترغيب وضغط نفسي. ثم يُساق أحد الزوجين، أو كليهما، إلى باب أحد المشعوذين أو من يدّعون العلاج الروحي، تحت وهم أنهم يملكون قدرة خارقة على حل المشكلة، بينما في الحقيقة هم لا يزيدون النار إلا اشتعالًا.


يتم الترويج لبعض الأساليب على أنها علاج روحاني، كأن يُعطى الزوج أو الزوجة طعامًا أو شرابًا يحتوي على طلاسم أو مواد غير معروفة، أو يُطلب منهم دفن أوراق، أو لبس أحجبة، أو ترديد كلمات غير مفهومة. كل هذا يدخل ضمن الشرك والسحر الذي حرّمه الله سبحانه وتعالى، وأخبرنا أنه من كبائر الذنوب، وأن من يمارسه أو يطلبه فقد وقع في كبيرة عظيمة.


أكثر ما يُؤلم في هذه الحكايات أن نتائجها تأتي معكوسة. بدلًا من أن تُحل المشاكل، تتفاقم. وبدلًا من عودة المودة، تسود الكراهية. والبيت الذي كان يمكن إنقاذه بالحكمة ينهار تمامًا. وفي وسط كل هذا الخراب، يقف الأطفال في الصف الأول من الضحايا: تائهين بين والدين متخاصمين، محرومين من بيئة الأمان والاستقرار، مشردين نفسيًا واجتماعيًا.


هل هم الأزواج فقط من يتحمل المسؤولية؟ لا، بل كل من ساند هذا الطريق، وسوّق له، وشارك فيه. الأمهات والآباء الذين يدفعون أبناءهم نحو الشعوذة بحجة الإصلاح يتحملون وزرًا كبيرًا. والمجتمع الصامت، الذي لا يرفع صوته ضد هذه الممارسات، ولا يُوعّي الناس بخطرها، هو شريك في هذا الدمار.


إلى كل زوجة: لا تدفعي زوجك بعيدًا عنك بالخصام، ولا تلجئي إلى الطرق المحرمة لاسترجاعه. الكلمة الطيبة، والنية الصادقة، والصبر، هي مفتاح القلوب. وإلى كل زوج: لا تهرب من المشاكل إلى الخارج، ولا تسمح للآخرين بالتدخل السلبي في حياتك، بل ابحث عن الحل بالحوار والصراحة والاحترام. وإلى كل أم وأب: لا تكونوا سببًا في دمار بيت ابنكم أو ابنتكم بسبب الجهل أو التسرع أو اتباع الطرق الخاطئة.


دور العلماء والدعاة والمثقفين اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى. عليهم أن ينبهوا الناس في الخطب، ووسائل الإعلام، والمدارس، إلى خطورة هذه التصرفات، وأثرها في تفكيك النسيج الاجتماعي، وتشويه صورة الدين، وهدم البيوت من الداخل.


وختامًا نقول: اتقوا الله في بيوتكم، وفي أبنائكم، وفي أزواجكم. لا تجعلوا الجهل يطغى على الحكمة، ولا تسمحوا للظنون أن تقتل الثقة. الدنيا فانية، والآخرة فيها حساب دقيق، فاجعلوا أعمالكم شاهدة لكم لا عليكم.