سلطة الأمر الواقع المفروضة بالمحاصصة على عدن بالإكراه، ومعها الأحزاب والمكونات السياسية التي تدور في فلكها، جميعهم شركاء في فرض الظلم والبغي والطغيان على عدن (أرض، شعب، وهوية).
ومعروف عن طرفي سلطة المحاصصة أن كلاً منهما يسعى لفرض أجندة كفيله وولي نعمته عبر المماحكات والمناكفات السياسية التي تدفع ثمنها عدن وأهلها. ونتيجة لذلك، فإن عدن تُدمَّر وتُرَّف، وتُنهب أراضيها وثرواتها، وتعطلت مرتكزاتها الاقتصادية (الميناء، المطار، المصافي، والمنطقة الحرة).
وأصبحت عدن بلا خدمات: فلا صحة، ولا تعليم، ولا كهرباء، ولا ماء، ولا اتصالات، ولا نظافة، ولا صحة بيئة. تدهورت العملة المحلية بشكل مريع، فارتفعت الأسعار بشكل جنوني، وسادت الفوضى والعنجهية وعُسكرت الحياة المدنية، حتى باتت عدن اليوم أسيرة قبضة الظلم والبغي والطغيان.
وما يحدث لعدن اليوم هو تدمير منظم وممنهج على يد أدوات العمالة والارتزاق للخارج، شركاء سلطة المحاصصة وأحزابهم التابعة. واليوم، يحاول هؤلاء الشركاء الدفع بأبناء عدن إلى أتون مماحكاتهم ومناكفاتهم السياسية لفرض التبعية للخارج، ليتحول أبناء عدن إلى مجرد أدوات هدم لمدينتهم، منحنين الظهور، يُداس عليهم كما يُداس على غيرهم.
فكل شريك في سلطة المحاصصة ينفذ أجندة ولي نعمته في صراع الهيمنة والنفوذ على الموانئ والجزر اليمنية، وفي مقدمتها ميناء عدن. ولأجل توريط أبناء عدن ليصبحوا نسخة من سلطة الأمر الواقع بالمحاصصة، أطلقت هذه السلطة، بشراكة الأحزاب والمكونات السياسية، دعاية إعلامية هدفها الكذب والتضليل، تحت شعار “توحدوا يا أبناء عدن”.
لكن الهدف الحقيقي لهذا الشعار هو التعمية والتضليل السياسي، وحجب الرؤية عن سياسة الظلم والبغي والطغيان التي يمارسونها بحق عدن (أرض، شعب، وهوية). فعبارة “توحدوا يا أبناء عدن” التي تتشدق بها سلطة المحاصصة وأحزابها هذه الأيام، ليست إلا كلمة حق يُراد بها باطل. ظاهرها طيب، أما باطنها فخبيث. وعلى الأرض، تعمل هذه السلطة وأحزابها على خلق المتناقضات داخل المجتمع العدني عبر تبني الانتهازيين والوصوليين وباعة الأوطان، وزجهم بين صفوف أبناء عدن لضمان استمرار قبضة سلطة المحاصصة وأحزابها، وليبقى الحال كما هو منذ عام 1967م، واقع ظلم وبغي وطغيان.
هكذا يستمر نهب عدن واستباحتها واغتصابها أرضًا وثروة تحت مسمى “عاصمة”، وبالتالي، فإن أي دعوة لتوحيد أبناء عدن صادرة من سلطة المحاصصة وأحزابها ومكوناتها السياسية ما هي إلا كذب وزور، وكلمة حق يُراد بها باطل.
على الجميع أن يستوعب أن معاناة أبناء عدن تكمن في وطن خطف منهم في غفلة من الزمن والتاريخ، بمؤامرة دولية إقليمية ضمن صراع الأجندات الخارجية للسيطرة على الممرات المائية، وكان لقوى العمالة والارتزاق المحلية آنذاك، متمثلة في “الجبهة القومية” وكثير من الأحزاب والمكونات السياسية في اليمن، دور كبير في نجاح هذه المؤامرة، إما عبر المشاركة المباشرة، أو عبر الرضى والتأييد، أو عبر الصمت الجبان والمخجل.
لذلك، فإن نضال أبناء عدن اليوم هو لأجل استعادة وطنهم المخطوف من بوابة الاستقلال الضائع، بينما صراعات غيرهم منذ العام 1967م لم تكن إلا لأجل السلطة، ما حول عدن إلى ساحة لحروبهم المناطقية العبثية، انطلاقًا من مفهومهم الفوضوي: “من يسيطر على عدن يحكم الجنوب”. وهكذا، كان الجميع شركاء في ظلم عدن.
ومن الطبيعي اليوم أن تكون مصلحة سلطة المحاصصة ومعها الأحزاب والمكونات السياسية التابعة لها، أن تبقى عدن مغتصبة ومستباحة تحت مسمى “عاصمة”، كما هو الحال منذ الاستقلال الضائع في 30 نوفمبر 1967م. ومن يدعي غير ذلك ويزعم أنه يريد رفع الظلم والبغي والطغيان عن عدن، فعليه أن يبرهن حسن نواياه تجاه عدن وأبنائها عبر تسليم إدارة المدينة وأمنها لأبنائها، لتعود عدن كما كانت قبل الاستقلال الضائع: مدينة للمدنية والأمن والاستقرار، مدينة احتضنت كل الأجناس والأديان والطوائف تحت مظلة النظام والقانون، وعدالة لا تعرف التمييز.
أما أي حديث أو طرح غير ذلك، فهو محض كذب وتدليس وكلمة حق يراد بها باطل، هدفها استمرار فرض قبضة الظلم والبغي والطغيان على عدن (أرض، شعب، وهوية)، واستمرار نهبها واستباحتها، وحرمان أبنائها من حقوقهم السياسية والمدنية وحقهم في إدارة مدينتهم وتأمينها والمشاركة في السلطة المركزية ضمن يمن اتحادي، كل محافظة فيه تدار بأيدي أبنائها.
وفي الختام، نذكّر كل مغرور أو غافل: حقوق عدن (أرض، شعب، وهوية) لا تُستجدى، بل ستُنتزع انتزاعًا، عاجلاً أو آجلاً، بإرادة أبنائها الصلبة.
عبدالكريم الدالي