آخر تحديث :السبت-10 مايو 2025-09:05ص

الحوثيون: إرهاب على طاولة غروندبرغ

السبت - 26 أبريل 2025 - الساعة 10:30 ص
أحمد حوذان

بقلم: أحمد حوذان
- ارشيف الكاتب


في خضم حرب عبثية تشنها مليشيات الحوثي الإرهابية على الشعب اليمني، تتكشف فصول من التناقضات الصارخة والاستهتار بالقوانين الدولية، مما يثير علامات استفهام كبرى حول جدية المجتمع الدولي في التعامل مع هذا التنظيم المارق. فبينما ترفع المليشيات شعارات زائفة نصرة لغزة، متخذة من القضية الفلسطينية غطاءً لأجندتها التخريبية، وتُمعن مليشيا الحوثي المدعومة من إيران في استهداف السفن التجارية في البحر الأحمر، والتي قوضت بذلك مسار السلام الذي استمرت مفاوضاته السرية لعامين بوساطة عُمانية.


لقد أعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تصنيف جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية (بعد تصنيفه السابق الذي جُمّد مع وصول بايدن للسلطة)، واصفًا إياها بأنها تُهدد أمن واستقرار الإقليم والعالم، وهو قرار جاء استجابة لسلوكياتها العدوانية وأنشطتها المزعزعة للاستقرار. إلا أن هذا التصنيف، الذي كان من المفترض أن يُلجم تحركات هذه المليشيات ويفرض عليها عزلة دولية، سرعان ما أصبح حبرًا على ورق.


فبينما يُفترض تفعيل هذا القرار من قبل الحكومة اليمنية الشرعية عبر إصدار مذكرات قبض دولية بحق قيادات الحوثيين عبر الإنتربول، نجد أن هذه الخطوة الضرورية لا تزال تراوح مكانها، مما يفسح المجال أمام هؤلاء "الإرهابيين المصنفين" للتجول بحرية في عدد من الدول.


الأكثر إثارة للاستغراب والدهشة هو سلوك المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، وتعاملة مع المليشيات الذي يبدو وكأنه يتجاهل تمامًا قرار تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية.



فبدلاً من ممارسة الضغط والعزلة على هذه الجماعة المارقة، ينخرط المبعوث الأممي في حوارات مباشرة مع قياداتها في عُمان، في خطوة تبعث برسائل مربكة ومخيبة للآمال. بالأمس القريب، خرج القيادي الحوثي الإرهابي محمد عبدالسلام، الذي طاله قرار التصنيف الأمريكي، منتشيًا بعقد لقاء جمعه مع غروندبرغ، في مشهد يثير التساؤلات حول مصداقية التصنيفات الدولية وجدية الأمم المتحدة في تطبيق قراراتها.


كيف يمكن لأمريكا أن تصنف جماعة ما كمنظمة إرهابية تُهدد الأمن والسلم العالميين، ثم يتعامل مع قياداتها وكأنهم طرف سياسي شرعي يُستدعى إلى موائد المفاوضات؟ لماذا هذا الاستخفاف الصارخ والاستهتار بالقوانين والأعراف الدولية؟ إن هذا السلوك المتناقض لا يقوض فقط الجهود الرامية إلى تحقيق سلام دائم في اليمن، بل يبعث برسالة خطيرة مفادها أن الإرهابيين يمكنهم الإفلات من العقاب والتحاور معهم وتلبية مطالبهم طالما أن لديهم القدرة على فرض الأمر الواقع بالقوة.

إلى أي مدى يمكن لهذا التخبط الأممي والاستهتار الصارخ بالقرارات الدولية أن يستمر؟ إن استمرار هذا النهج المعوج لن يؤدي إلا إلى تشجيع المزيد من الجماعات الإرهابية على تبني العنف كوسيلة لتحقيق أهدافها، وتقويض أسس النظام الدولي القائم على القانون والاحترام المتبادل. إن الحكومة اليمنية الشرعية مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى بتفعيل قرار تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية عبر القنوات القانونية والدولية، وإصدار مذكرات قبض بحق قياداتها، وملاحقتهم دوليًا.

كما أن المجتمع الدولي والأمم المتحدة مطالبون بمراجعة سياساتهم المتناقضة تجاه هذه المليشيات، وتبني نهج حازم وواضح يرتكز على محاسبة الإرهابيين وعدم مكافأتهم على جرائمهم. إن استمرار هذا الاستهتار بالقانون الدولي لن يجلب لليمن والمنطقة سوى المزيد من الفوضى والعنف وعدم الاستقرار.