آخر تحديث :السبت-10 مايو 2025-01:15ص

بوصلة الإرهاب بوصلة مهزوزة

الجمعة - 25 أبريل 2025 - الساعة 05:40 م
علي محمد سيقلي

بقلم: علي محمد سيقلي
- ارشيف الكاتب


في أرضٍ يملؤها التحدي ويضج فيها صوت الرصاص أكثر من صوت القانون، اختارت الجهات المختصة أن تضع على رأس جهاز حساس رجلاً شجاعا، نعم، لكنه شجاع فقط، وكأن الشجاعة وحدها مؤهل كاف لتولي منصب بمستوى "مكافحة الإرهاب".


ما إن تسلم الرجل موقعه الجديد حتى بدأت البوصلة تتراقص، واتخذت مكافحة الإرهاب مسارا جديدا أقرب إلى المسلسلات المكسيكية منها إلى العمليات الأمنية الدقيقة.

فجأة صار القرار فرديا، والتنفيذ انفعاليا، والمزاج هو القائد الأعلى للقوات غير المسلحة عقليا.


أن تكافئ رياضيا بقطعة سلاح لأنها أداة التشجيع المثلى، فهذه بداية القصة المأساوية.

أما أن يربط شاب "أيا كانت تهمته" على مقدمة المصفحة العسكرية بوصفه "إرهابيا" دون محاكمة، ودون دليل، ودون خجل، فهذه لم تعد قصة، بل كابوسا يعرض على مسرح الواقع.


إن جهازا بحجم "الحزام الأمني" لا يحتمل أن يدار بالعاطفة، ولا يمكن أن يختزل في شخص يخلط بين محاربة الجريمة واستعراض العضلات في الشارع العام.

فهيبة الدولة لا تبنى بربط المتهمين على السيارات، بل بإرساء العدالة في المحاكم.


ولا نعلم اليوم إن كان قد تقدم باستقالته عن قناعة، أم أُجبر على ذلك حفاظًا على ماء وجه الجهاز.

لكن في كل الأحوال، فالمغادرة في هذا التوقيت بالذات كانت قرارا حكيم، إن لم يكن لصالحه الشخصي، فعلى الأقل لصالح المؤسسة التي كادت تغرق في قراراته الإرتجالية المتسرعة.


نحن لا ننتقص من شجاعته، ولا ننكر إخلاصه الميداني، لكن الرجل ببساطة لم يكن في المكان المناسب، وتلك أكبر مشكلة تواجه المؤسسات حين تتحول المقاعد الحساسة إلى ساحات تجريب.

وفي الوقت الذي يحاول فيه العالم أن يرانا كطرفٍ يسعى لبناء دولة قانون، وكمجتمع ناضج يسعى لتجاوز فوضى الحروب إلى مؤسسات ضابطة، نفاجَأ بمن يجعلنا نبدو أمام الناس والفضائيات، كمجموعة قتلة لا أمل فيها ولا في مشروعها، كل همها أن تتفنن في "النثرات" بين الحين والآخر.

ختامًا، نأمل أن يكون ما جرى درسا لا ينسى، وأن تعود مكافحة الإرهاب إلى أصلها، علم وتخطيط، واحترام للقانون، لا إلى عروض مفتوحة في الشوارع على إيقاع "الشنيني".