آخر تحديث :الثلاثاء-13 مايو 2025-10:51م

شيطنة (الوهابية)

الإثنين - 21 أبريل 2025 - الساعة 08:40 م
ناصر الوليدي

بقلم: ناصر الوليدي
- ارشيف الكاتب



قبل أكثر من قرنين من الزمن نهض شيخ الإسلام المجدد محمد بن عبد الوهاب بدعوته رافضا ما آلت إليه الأوضاع في جزيرة العرب، وقام وحده لله حق القيام وهو وحيد، لم يساعده حتى والده ولا أخوه، بل عارضاه، ولكن ذلك لم يزده إلا إصرارا على مشروعه في التغيير، مهما كلفه ذلك النهوض، فهو يشعر أن الله لن يعذره وهو يرى الحال المخزية التي وصل إليها شعب الجزيرة العربية، فقد سيطرت الخرافة والشعوذة والجهالات على كل مناحي الحياة، وتحول كثير من الحكام ورجال الدين إلى رعاة وسدنة لهذه الخرافة، ولكن الرجل كان واثقا من طريقه واثقا من ربه، فشق طريقه ناشرا التوحيد والنور والهدى في صحاري نجد وفيافيها وقفارها ومدنها وقراها، وصرخ صرخة الحق فدوى صداها في أركان نجد.


ألا يا صبا نجد متى هجت من نجد

لقد زادني مسراك وجدا على وجدي


وانتقل الإمام من النظري إلى العملي،

ورفض أن يكون فيلسوفا إفلاطونيا طوباويا مثاليا يقرر المقرر ويكرر المكرر ويحشي المحشى ويطحن الطحين ، فوضع قدميه على الطريق وبدأ يتحرك وينفذ بعض تعاليم الدين التي يدعو إليها، واستعان بابن معمر وهدم قبة زيد بن الخطاب، وأقام الحد على الزانية، ونشر التوحيد، وأعلنها حربا شعواء جهورية على جميع أنواع الشركيات وذرائعها

ثم خذله ابن معمر تحت ضغط السلطان فلم ييئس بل رحل إلى الدرعية حيث تحالف مع ابن سعود وواصل دعوته وبث الرسائل والدعاة .

وهنا

اهتزت أركان الطغاة من الحكام المستبدين ورجال الدين وارثي الخرافة وسدنة القبور، وشعروا أن صرخة الشيخ هذه تتهددهم، فحمل المستبدون السلاح واستخدموا السلطة وفتحوا المعتقلات واستعانوا بالإعلام وقوى المجتمع ونهض رجال الدين وكبار علمائهم فدبجوا البيانات وأصدروا الفتاوى يؤكدون فيها أن ابن عبد الوهاب صاحب دعوة خارجية مرق من الدين وخالف الإجماع ونازع الولاة وبدل الأحكام، ويشكل خطرا على الأمن والاستقرار، وأرسلوا التقارير الدينية إلى الآفاق وخوفوا الشعوب من (الوهابية) وشوهوها وشيطنوها.

ولكن الرجل شق طريقه غير عابه بكل ذلك، ولم تمر سنوات على حربه وشيطنته حتى سقطت تلك الأنظمة الواحدة تلو الأخرى تحت رايات رجال مخلصين، وهرب الطغاة والمستبدون وأخذوا معهم رجال دينهم، ولم يمت الشيخ حتى امتد سلطان دعوته من تخوم اليمن حتى كربلاء، ومن البحر الأحمر إلى الخليج العربي.

فتمدد على فراش الموت وهو قرير العين بما أجرى الله على يديه.....

ثم سارت بعده (الوهابية) حيث سارت الشمس وسار معها (فكر ابن تيمية) أعظم منظري الفكر السلفي، وبعث تراث ابن تيمية الذي حاول المقلدون والخرافيون وأده ودفنه مستخدمين في ذلك الدين والسلطة.

وما من دولة اليوم إلا ولابن تيمية فيها صولات وصولات، حتى مراكز الأبحاث الغربية والصليبية والصهيونية بل والجامعات الكبرى في العالم يثير فيها ابن تيمية وابن عبد الوهاب جدلا واسعا، حتى قال أحد كبار المفكرين الغربيبن " لقد ملأ ابن تيمية الأرض ألغاما ولم يفجر ابن عبد الوهاب إلا بعضها".

رحم الله المجدد محمد بن عبد الوهاب فقد أدى الذي عليه وقام لله ومات محمودا ولم تضره ولم تضر حركته فتاوى كبار العلماء ولا صغارهم، ولم توقف دعوته جيوش ولا سجون السلاطين.


١٢ / ١١ / ٢٠٢٠م