آخر تحديث :الأحد-03 أغسطس 2025-09:37م

هيجة العبد تصرخ... لتفعيل الصلاحية الجيولوجية واحترام الأرض ..

الجمعة - 18 أبريل 2025 - الساعة 04:10 م
بشار الطيب

بقلم: بشار الطيب
- ارشيف الكاتب


تُعد تجربة شق طريق جبل صبر في محافظة تعز نموذجًا ناجحًا في التخطيط الهندسي والجيوتقني، حيث تم خلال تنفيذ هذا الطريق الأخذ في الاعتبار كافة العوامل الجيولوجية والجيومورفولوجية. فقد تم اختيار المسار بعناية لتجنب مناطق الانزلاقات الأرضية والتضاريس غير المستقرة، كما جرى بناء جدران ساندة وفق معايير هندسية دقيقة، باستخدام مواد محلية ذات كفاءة عالية في مقاومة عمليات التعرية والتجوية.


ورغم مرور عقود من الزمن على إنشاء طريق جبل صبر، إلا أن بنيته التحتية ما تزال متماسكة وتُظهر مقاومة واضحة للعوامل الطبيعية، وهو ما يعكس نجاح التخطيط القائم على الدراسات الجيولوجية والجيوتقنية. ويُعد هذا دليلاً ملموسًا على أن الطريق المدروس جيولوجيًا يمكن أن يصمد لعقود، وقد يمتد عمره الافتراضي إلى نصف قرن أو أكثر.


في هذا السياق، نشكر المهندس الذي نقل لي الصور من أرض الواقع وجعلنا نسلط الضوء على الوضع المتدهور لطريق هيجة العبد، الذي يُعد شريانًا حيويًا يربط محافظة تعز بالعاصمة المؤقتة عدن، ويمر عبر مناطق مهمة في محافظة لحج، ويشكل واجهة أمام المسافرين والناقلات القادمة من وإلى الجنوب.


ومع الأسف، فإن ما نشهده حاليًا من تدهور متكرر في الطريق، وتلف البنية التحتية نتيجة السيول والأمطار، يعود في جوهره إلى تجاهل تطبيق قرار مجلس الوزراء رقم (249) لسنة 2012، الصادر خلال حكومة الأستاذ محمد سالم باسندوة، والذي ينص صراحة على:


"ضرورة دراسة الصلاحية الجيولوجية قبل الشروع في تنفيذ أي مشروع عام أو خاص، والتنسيق المسبق مع الجهات المختصة، ومنها هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية."


إن إغفال هذا القرار أثناء التخطيط والتنفيذ لمشروع طريق هيجة العبد أدى إلى سلسلة من الإخفاقات الفنية، من أبرزها:


اختيار مسارات غير مستقرة جيولوجيًا، تمر عبر مناطق ذات نشاط انزلاقي أو تربة ضعيفة وغير متماسكة.


غياب الدراسة الهيدرولوجية لتأثير السيول والفيضانات على جوانب الطريق ومسارات تصريف المياه.


إنشاء جدران ساندة دون الالتزام بالمعايير الجيوتقنية والهندسية، مما جعلها عرضة للانهيار والانزلاق بفعل الظروف المناخية والتضاريسية.


عدم إشراك الجهات الفنية المتخصصة، كهيئة المساحة الجيولوجية، في مراحل التصميم والتنفيذ.


إن تطبيق قرار مجلس الوزراء رقم 249 كان سيُسهم في إجراء تقييم شامل لمخاطر المشروع، بما يشمل:


دراسة ثبات التربة والمنحدرات.


تحليل حركة المياه السطحية وتحديد مسارات السيول.


تحديد مواقع الجدران الساندة المناسبة ونوعيتها.


وضع حلول هندسية استباقية تضمن استدامة الطريق.


التوصية:

ندعو الجهات التنفيذية والرقابية إلى إعادة تقييم مسار مشروع طريق هيجة العبد، والتأكيد على إلزام كافة الجهات المنفذة للمشاريع العامة والخاصة بتطبيق قرار مجلس الوزراء رقم 249 لسنة 2012. كما نوصي بتفعيل الدور الرقابي والفني لهيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية، لضمان الاستقرار الجيولوجي، وسلامة الأرواح، وحماية المال العام من الهدر المستمر في أعمال صيانة عاجلة لا تُعالج جذور المشكلة.