آخر تحديث :الإثنين-01 سبتمبر 2025-08:14ص

حين يصبح الإصلاح جريمة..

الخميس - 13 مارس 2025 - الساعة 05:24 م
عمر الكاف

بقلم: عمر الكاف
- ارشيف الكاتب


في المشهد السياسي اليمني، ليس غريبًا أن يتحالف الفاسدون ضد أي محاولة لكبح جماح فسادهم، لكن ما يحدث اليوم تجاه رئيس الوزراء أحمد عوض بن مبارك يكشف بوضوح عن معركة ليست ضد “الفشل”، كما يدّعون، بل ضد أي جهد لإصلاح منظومة النهب التي ترعرعوا فيها لعقود.


انتفاضة المصالح.. لا المبادئ!

الوزراء الذين التزموا الصمت لسنوات أمام الأزمات، ولم يحركوا ساكنًا أمام معاناة الشعب، فجأة أصبحوا “غاضبين” و”حريصين” على نجاح الحكومة! فجأة، انتفضوا ضد بن مبارك ليس لأنه أخطأ أو فشل، بل لأنه اقترب من منابع الفساد التي يتغذّون عليها.


ما الذي تغيّر؟ ببساطة، قرارات بن مبارك مست جيوبهم، أوقف صرف المليارات بطرق غير مشروعة، كشف قضايا فساد كانوا يديرونها في الظلام، وأغلق صنابير الأموال التي كانوا يتقاسمونها دون حسيب أو رقيب. هنا، لم يعد الرجل “شريكًا في الحكومة”، بل أصبح “عدوًا” يجب التخلص منه.


أسرار الحرب على بن مبارك

لنضع الحقائق كما هي:

• أوقف المحطات الكهربائية المؤجرة التي كانت تبتلع أموال الدولة بلا نتيجة.

• كشف تلاعبًا خطيرًا في أنبوب النفط وأوقفه، ليحرم الفاسدين من مورد ضخم كانوا ينهبونه.

• منع التصرف في مخصصات مالية كانت تُصرف بلا رقابة.

• أوقف مليارات الريالات التي كانت تُهدر في مشاريع وهمية وصفقات مشبوهة.


كل هذه الإجراءات لم تُتخذ حرصًا على “شعبية” أو “دعاية سياسية”، بل لحماية المال العام الذي كان يُنهب تحت أعين الجميع. لكن في بلد يعاني من تغلغل الفساد في مفاصل الدولة، يصبح الإصلاح جريمة لا تُغتفر!


كبش فداء.. أم رجل دولة؟

اليوم، يعمل خصوم بن مبارك على تقديمه ككبش فداء، متذرعين بـ”فشله” في إدارة الحكومة، وكأن من سبقوه كانوا ملائكة أصلحوا البلاد والعباد! والحقيقة أن هؤلاء أنفسهم لم يتفقوا يومًا على مصلحة الوطن، لكنهم اتفقوا شرقًا وغربًا على حماية امتيازاتهم وتقاسم مقدرات البلاد.


المفارقة أن معركتهم لا تدور في أروقة السياسة بقدر ما تُدار في كواليس المصالح، حيث يستغل الفاسدون نفوذهم للضغط على التحالف العربي والسفير السعودي، آملين أن يحصّنوا أنفسهم من أي مساءلة. لكن، هل يمكن لفسادهم أن يستمر إلى الأبد؟


ختامًا.. معركة بين معسكرين

ما يجري اليوم ليس مجرد صراع على منصب، بل معركة بين معسكرين: الأول يريد الحفاظ على دولة الفساد والمصالح الضيقة، والثاني يحاول – ولو جزئيًا – إعادة شيء من الانضباط والشفافية. قد يُنجح الفاسدون في الإطاحة ببن مبارك، لكن الحقيقة أصبحت واضحة للجميع: المشكلة لم تكن في الرجل، بل في منظومة الفساد التي تدير المشهد وتتحكم في خيوط اللعبة منذ سنوات.