لا يزال عيدروس الزبيدي يعيش حالة من الارتباك والانفصام في الشخصية في تحركاته الداخلية والخارجية. فتارةً يقدم نفسه كرجل سلام ضمن المشروع اليمني وشريك فاعل في "شرعية الاحتلال اليمني، وتارةً أخرى يخاطب أنصاره بخطاب شعبوي يستهدف شحن الجماهير وكسب تعاطف العامة والبسطاء، خاصة عند شعوره بتراجع شعبيته وشعبية مجلسه الانتقالي. هذه الحالة من التخبط والازدواجية في المواقف تشكل ظاهرة فريدة في الحياة السياسية.
تحركاته الأخيرة في أبين ولحج والضالع تؤكد هذا الارتباك، إذ يتصرف كرئيس لمكوّن سياسي، أو كما يصفه أتباعه بـ الرئيس القائد، وليس كعضو في مجلس القيادة الرئاسي، متجاهلًا أهمية إشراك القوى والمكونات والنخب السياسية والاجتماعية الجنوبية في القرار. بدلًا من ذلك، يعتمد على حشد أنصار المجلس الانتقالي وإلقاء خطابات لا تقدم حلولًا فعلية لمعاناة المواطنين الذين يواجهون أوضاعًا اقتصادية متردية.
كان المواطنون يأملون أن يستغل الزبيدي موقعه كنائب لرئيس المجلس الرئاسي وشريك في السلطة لجلب مشاريع تنموية إلى المحافظات التي يزورها، ووضع حجر الأساس لمشاريع اقتصادية تساهم في إنعاش المناطق المحرومة. لكن بدلًا من ذلك، يأتي بموكب مدجج بالمدرعات والجنود وسط أحياء يواجه سكانها الفقر المدقع، حيث يبحث البعض عن قوت يومهم بين براميل القمامة.
لم يعد الخطاب الشعبوي الرنان يُجدي نفعًا في ظل معاناة عامة الشعب الذين لا يجدون ما يسد رمق جوعهم، ولم يعد يجلب قنينة حليب لطفل جائع أو رغيف خبز لرجل مسن أنهكته الحياة القاسية. أما القضية السياسية الجنوبية، فلم تتجاوز الشعارات التي يرددها الزبيدي ومحيطه من المنتفعين، الذين يعيشون على موائد بلاط أمراء وملوك الخليج. قليلٌ من الخجل قد يكون مطلوبًا، لأن لعنة الشعب ستلاحق كل من يخذله.
(رئيس اتحاد شباب الحنوب)