آخر تحديث :الجمعة-09 مايو 2025-11:54م

تأجير أم تفريط؟ غياب الشفافية في إدارة أصول النقل البري بعدن

السبت - 15 فبراير 2025 - الساعة 08:41 م
حكيم الشبحي

بقلم: حكيم الشبحي
- ارشيف الكاتب


أصدرت المؤسسة العامة للنقل البري عدن توضيحا للرأي العام بشأن ما وصفته بعملية تأجير قانوني لأحد أصولها غير أن هذا التوضيح لم يكن على مستوى التوقعات إذ افتقر إلى الحجة القانونية المقنعة ولم يعكس الحد الأدنى من الحرص الواجب على المصلحة الوطنية وإدارة الموارد العامة بكفاءة وشفافية.


من المبادئ الأساسية في إدارة الأصول العامة أن يتم التصرف بها وفق إجراءات شفافة تضمن تحقيق أعلى منفعة للمؤسسة وللخزينة العامة.

وكان من المفترض إن كانت المؤسسة حريصة فعلا على حماية المال العام أن تطرح مناقصة علنية وفق القوانين المعمول بها بحيث يتم إرساء العقد على الجهة التي تقدم أفضل العروض المالية والفنية.

أما اللجوء إلى إبرام اتفاقيات مباشرة دون طرحها للمنافسة فهو أمر يثير العديد من التساؤلات حول مدى التزام المؤسسة بالمعايير القانونية والإدارية السليمة.


حتى المبلغ المحدد لهذا التأجير يعد زهيدا إلى حد يثير الاستغراب خاصة أن هناك مستثمرين قادرين على تقديم عروض مالية أعلى بكثير. وهنا يبرز تساؤل جوهري كيف يمكن لمؤسسة تواجه التزامات مالية أن تعتمد على عائد ضعيف من أحد أصولها في حين كان بإمكانها تحقيق إيرادات أكبر تساعدها في تغطية التزاماتها وتحسين أدائها المالي؟

وإذا كان الهدف هو تعظيم الفائدة العامة فلماذا لم يتم البحث عن أفضل العروض بما يحقق أقصى استفادة ممكنة؟


إن العقود التي تتضمن مبالغ إيجارية منخفضة ينبغي أن تكون محدودة المدة بحيث تتاح للمؤسسة فرصة إعادة تقييم أصولها والاستفادة منها وفق متغيرات السوق.

أما إذا كان العقد طويل الأمد وبشروط غير عادلة فإن ذلك لا يمكن تفسيره إلا كتفريط واضح في حقوق المؤسسة وهو ما يستوجب إعادة النظر فيه.


الأمر الأخطر في هذه القضية هو ما يبدو وكأنه تصرف في الأصول العامة بشكل غير قانوني قد يرقى إلى كونه بيعا غير مباشر أو تمهيدا لذلك رغم عدم وجود أي نص قانوني يتيح هذا النوع من التصرفات. فكل الممتلكات العامة هي ملك للدولة والشعب ولا يجوز لأي جهة مهما كانت أن تتخذ قرارات تمس بهذه الأصول دون سند قانوني واضح يضمن الحفاظ عليها واستثمارها بما يخدم المصلحة العامة.


إن إدارة الأصول العامة مسؤولية وطنية تتطلب أعلى درجات الشفافية والالتزام بالقوانين وليس اتخاذ قرارات تثير الشكوك وتفتح الباب أمام شبهات التفريط في المال العام.

وعليه فإن المؤسسة مطالبة بإعادة النظر في هذه الاتفاقيات واعتماد نهج قانوني عادل وشفاف يحقق أقصى فائدة ممكنة ويحمي مواردها من أي قرارات قد تضر بالصالح العام.