آخر تحديث :الإثنين-09 يونيو 2025-09:22م

"مجلس شبوة الوطني.. بين المبررات والواقع"

الأحد - 12 يناير 2025 - الساعة 01:21 م
محمد علي رشيد النعماني

بقلم: محمد علي رشيد النعماني
- ارشيف الكاتب


في مقال سابق طرحنا عدة أسئلة حول "مجلس شبوة الوطني العام" الذي أعلنه اللواء علي منصور بن رشيد متسائلين عن أهدافه الحقيقية، مصادر تمويله، ومدى تمثيله لأبناء شبوة وحتى لحظة كتابة هذا المقال لم نجد إجابات واضحة وشافية.

وبالعودة إلى لقاء صحفي سابق أجرته صحيفة عدن الغد مع اللواء بن رشيد أشار إلى أن المجلس تأسس إستجابةً لحالة الفوضى وغياب الخدمات الأساسية وإنهيار العملة بالإضافة إلى ما وصفه بـ"النفس الإستحواذي المناطقي" ورغم أهمية هذه المبررات الظاهرية إلا أنها بدت مألوفة ومستهلكة في الخطاب السياسي اليمني حيث تتكرر دون أن تُترجم إلى خطوات فعلية لتحسين الأوضاع فبدلاً من تقديم حل جذري يبدو المجلس وكأنه أداة جديدة لتعزيز النفوذ السياسي لفئة معينة تحت غطاء "المصلحة العامة".

أكد اللواء بن رشيد أن المجلس مستقل تماماً عن مجلس حضرموت الوطني مشيراً إلى أن لكل محافظة ظروفها ومسارها الخاص لكن التشابه الكبير في الأوضاع بين المحافظتين يجعل من الصعب تحقيق إستقلالية تامة في الأهداف والرؤى هذا الأمر يثير تساؤلات حول إمكانية تحقيق تكامل بين المجلسين دون تضارب أو تنافس خاصة مع تشابك المصالح والمواقف السياسية في المحافظات الجنوبية .

نفى اللواء بن رشيد تلقي أي دعم خارجي لكنه لم يوضح كيف سيتم تأمين التمويل اللازم لتحقيق الأهداف المعلنة هذا الغموض يثير الشكوك حول الجهات الداعمة للمجلس خصوصاً في ظل المشهد اليمني المتشابك حيث باتت التجاذبات الإقليمية تتحكم في تفاصيل الواقع المحلي فهل يمكن لمجلس ناشئ أن يظل بمنأى عن التدخلات الخارجية؟ عدم الشفافية في هذا الجانب يترك الباب مفتوحاً للتساؤلات حول أجندات المجلس الحقيقية .

على الرغم من تصريحات اللواء بن رشيد التي تؤكد دعم المحافظ عوض بن محمد الوزير للمجلس إلا أن هذا الدعم قد يتحول بسهولة إلى صراع على الصلاحيات والقرارات ومثل هذا الصراع قد يُضعف السلطة المحلية بدلاً من تعزيزها .

وفيما يتعلق بموقف المجلس من الحرب والحلول السلمية يبدو الخطاب متزناً ظاهرياً لكنه يخفي تناقضات كبيرة فسعي المجلس لبناء علاقات مع كافة الأطراف الإقليمية المؤثرة قد يُحوّله إلى أداة لتنفيذ أجندات خارجية مشبوهة بدلاً من التركيز على مصالح أبناء شبوة .

أما الحديث عن المستقبل والخطط الطموحة للمجلس فلا يتجاوز كونه مجموعة وعود تقليدية تخفي غياباً حقيقياً لرؤية واضحة أو قدرة على التنفيذ في ظل واقع سياسي معقد وتحديات كبيرة يبدو المجلس كإضافة جديدة إلى حالة الفوضى السياسية التي تعاني منها شبوة واليمن عموماً .

لا يمكن إنكار أن اللواء علي منصور بن رشيد يعد شخصية عسكرية وأمنية بارزة ذات تاريخ حافل في العمل الوطني لكن إقامته المستمرة في العاصمة العمانية مسقط منذ إندلاع الحرب في اليمن تثير الكثير من التساؤلات حول أهداف المجلس كما أن غياب الشفافية بشأن الجهات الداعمة والممولة يضع المجلس أمام تحدٍ كبير لإثبات مصداقيته وخدمة أبناء شبوة بعيداً عن الأجندات الخفية .

حتى اللحظة يمكننا الإستنتاج أن تأسيس مجلس شبوة الوطني يبدو أقرب إلى إستعراض سياسي يفتقر إلى المصداقية مما يعكس حالة الإنقسام العميق التي تغرق فيها البلاد وبدلاً من أن يكون خطوة نحو الحل قد يتحول المجلس إلى أداة جديدة لتعزيز الإنقسامات وتكريس المصالح الشخصية والفئوية وأبناء شبوة بحاجة إلى قيادات حقيقية تضع مصلحتهم فوق كل اعتبار بعيداً عن الكيانات التي تتلاعب بمستقبلهم تحت غطاء العمل الوطني .

المجلس أمام فرصة حقيقية لإثبات مصداقيته وشفافيته من خلال تقديم إجابات واضحة وشاملة لهذه التساؤلات بما يُظهر إلتزامه الفعلي بتحسين أوضاع أبناء شبوة بعيداً عن أي تجاذبات أو حسابات سياسية ضيقة لكن التساؤل الجوهري الذي يطرح نفسه : هل سيتمكن المجلس من ترسيخ نفسه كجهة جادة تسعى بصدق لخدمة المحافظة؟ أم أنه سينضم إلى قائمة الكيانات التي ساهمت في تفاقم حالة الفوضى؟ يبقى الحكم مرهوناً بالأفعال لا الأقوال نحن ننتظر من القائمين على المجلس من أبناء شبوة أنفسهم وليس من جهات خارج المحافظة حتى وإن كانت تلك الجهات مدفوعة من قبلهم للرد على هذه التساؤلات عليهم أن يوضحوا رؤيتهم وأهدافهم ومصادر تمويلهم بكل صدق خاصة وأنهم يؤكدون أن مجلس شبوة الوطني العام جاء لتحقيق مصالح شبوة وأبنائها فقط .

سنظل نراقب عمل المجلس عن كثب ونواصل تقييم أدائه في مقالاتنا القادمة وإن لم نحصل على إجابات شفافة ومرضية فإن الأيام القادمة كفيلة بكشف الحقائق وسنعمل على إيصالها إلى الناس بكل موضوعية ..