آخر تحديث :الجمعة-09 مايو 2025-11:54م

إعادة الماضي بإبقاء شعلته متوقدة

الأربعاء - 24 يناير 2024 - الساعة 11:10 م
علي الذرحاني

بقلم: علي الذرحاني
- ارشيف الكاتب


الماضي والمستقبل هما عنصران أصيلان وجوهريان من عناصر الحاضر والتاريخ هو ذاكرة الانسان وهو طفولته التي لايستطيع أن يعيدها بعد أن بلغ من العمر عتيا وليس مطلوب منه أن يعيش في الماضي . لأن الماضي قد مضى وانقضى ولن يعود وإذا عاد فسيعود مشوها وممسوخا وغريبا عن زمنه. والدليل أن أهل الكهف الذين لبثوا في كهفهم (309) عاما ارادوا أن يشتروا بفلوسهم ودراهمهم القديمة طعاما بعد ان احياهم الله وكأنهم ناموا يوما أو بعض يوم .. فالتاريخ ليس لك منه إلا الذكرى وتأخذ منه أجمل مافيه والذي يتناسب مع ما يعينك على حل مشاكل حاضرك لاأن تستحضر طواطمه وأصنامه وأشباحه وهياكله العظمية.الرميمة ورموزه وأساطيره التي تحنطت داخل المتاحف وانقرضت. وتخشبت.

ولا تستطيع أن تعيش معها.... والحكيم العليم الخبير يقول لنا في محكم تنزيله القرآن الكريم. (تلك أمة قد خلت لها ماكسبت ولكم ماكسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون) مطلوب منك أن تعيش حاضرك الراهن المتاح بين يديك لا أن تحلم وتتخيل أنك قد عدت إلى الوراء آلاف السنين لتعيش مع طوطم الوعل وأنت في زمن الروبوت والخادم الكمبيوتري. يقول النبي صلى الله عليه وسلم (إن من الشعر لحكمة) وحكمة الشاعر أن تعيش حاضرك فالماضي لن يعود منه سوى الذكريات والمستقبل غيبي ومجهول ومبهم وضبابي ولم يأت بعد.

فلم يتبق معك سوى حاضرك المتاح بين يديك تعيشه بالطول والعرض قال الشاعر (مامضى فات والمؤمل غيب ولك الساعة التي أنت فيها) فالعيش في الماضي تخدير. والعيش في الماضي يعلمك الكسل والخمول عن الإبداع والإنتاج لأنك عالة على أسلافك وأجدادك المبدعين وأنت غير مبدع إصنع التاريخ مثل أجدادك واصنع إضافة إبداعية إلى إبداع أجدادك الذين صنعوا مجدا لهم ليخلدوا أنفسهم وأنت ماذا أضفت إلى ابداع أجدادك ماتزال عالة عليهم تجتر وتكرر وتقلد وتتبع وتسحب وتلوك رموزهم وهياكلهم ومحنطاته.

إذا أردت أن تصنع خدمة ابداعية مضافة للتاريخ فاجدادك ذهبوا وتركوا لك شعلة متوقدة مشتعلة فالمطلوب منك أن تواصل حمل هذه الشعلة ولكن اتركها لمن بعدك متوقدة إبداعا وتجديدا صناعة وتكنولوجيا وحضارة لاأن تعيش في جلابيب اجدادك واسلافك وتعيش على رماد شعلتهم التي انطفأت منذ مئات السنين.
إن أمريكا بلا هوية وهي تتحكم بالعالم الآن في الوقت الراهن وليس لها تاريخ هويتك الحقيقة هي الإنسانية والإسلام أما الأوطان العربية التي قسمها الاستعمار الاوربي وتقاسم دولها وورث تركة الرجل المريض تركيا العثمانية فهي حدود مصطنعة صنعها الاستعمار القديم وصدقناها بأنها هوياتنا يقول الصادق المصدوق كلكم لآدم وآدم من تراب لافضل لعربي على
عجمي. ولا لأبيض على اسود إلا بالتقوى وخاصة في ظل عالم واحد يتقاسم همومه.. فثورة تكنولوجيا المعلومات جاءت وألغت وهمشت الهويات والخصوصيات الإنسانية الضيقة والمحدودة وكذلك ألغت الحدودبين دول العالم بتكنولوجيا ثورة المعلومات..

لقد أمرنا القرآن الكريم أن نتعارف ونتلاقح علميا و معرفيا وثقافيا بعد. أن جعلنا. الخالق العظيم شعوبا وقبائلا ونحن نتواصل مع بعضنا البعض بوسيلة الجوال وهذا مظهر من مظاهر التواصل في زمن العولمة و العالم الواحد والقرية الكونية المصغرة مع اهل الكهف لقد ذكرت انا في مقالة سابقة بأن كلمة ذكرى وتذكر هي من أوصاف القرآن والذكرى تنفع المؤمنين.