آخر تحديث :الجمعة-04 يوليو 2025-01:30م

البستان المهجور

الأربعاء - 21 سبتمبر 2022 - الساعة 09:41 م
ناجي نصر الكلدي

بقلم: ناجي نصر الكلدي
- ارشيف الكاتب


للهجر تُبعات وللفراق الطويلُ ويلات ، تتبدل الطبيعة وتسري بعيداً عن نمط الواقع المُعتاد ، تنعكس الحياة إلى وجهاً آخر  تتأرجح بين الانتظار البأس للحظة العودة إلى طبيعتها وبين مقاومة واقعاً تتملكه قساوة الهجر  وجنايات الفراق الظالم ، في قاع البستان لمْ يعد مجرئ لتدفق المياة  بل نضبت وجفت الينابع ودب العطش في جذور الشجر الأخضر ، ذلك تبعات خلفها الهجران وإنقطاع الوصال ،

شجر الروائح العطرة أوشك عبيرها على الجفاف وبالكاد أن يفوح ليعطر المكان، ألوانه الزاهية أضحت باهتة، ذُبلت الزهور الفاتشة وأختفت آخرى  في براعمها ، أصفرت تلك الأوراق الخضراء في فصل ربيعها الأخضر  ، تقصفت وتطايرت مع كل هزة ريح  ، وعلى تراب البستان شكلت أكواماً من خشائش يابسةً لمْ يُعد لها أرواحاً تمكنها للحياة، في ذلك المسار الموحش تغُد تلك الأغصان على هيئة عواد متقصفة ومتهالكة تتنصل عن ساقها تباعاً ،

للعصافير على تلك الأغصان اليانعة مكاناً حيث يطيب لها الأمان  ، وبعد أن لاحت أثار الأقدار في أرجاء البستان الجميل وحال دون الجمال 

حلقت  معلنةً للرحيل تحمل على جناحيها أسئً وحزناً لمَ قد صار بغتةً دون إنذار . تنشد الندم وتقتات الألم تتسأل بحيرةً وإستقراباً  ما حلّ بالمكان وشوَّه برونقه والجمال ؟!

صوراً وألواناً جميلة على حائط البستان 

تُعرض لوائح البداية  ، أرتسمت ذات يوماً بحبر السعادة وريشة البداية ، شُكلت بإشكال متنوعة وفريدة لتمنح الزائرين عناوين ومعاني اللقاء والوجود ، لكنها وفجئةً تحولّت إلى مناظر تستوطنها مأسي الهجران  ، تغيرت إلى ألوان باهتة مشوشة عليها  خدوشاً توضح أثاراً أحدثها زمن الفُراق ، 

كل شيء كان مزروعاً بعناية فائقة ليبقى جميلاً ويستمر بالعطاء والجمال  ، لكن ومع قدر الفراق والهجران أضحى بالتلاشئ والأندثار شيئاً فشيئاً ،

وكل شيءً لمْ يُعد على الطبيعة وأخذ تحولاً آخر .