آخر تحديث :الإثنين-15 سبتمبر 2025-12:09ص

الآثار الصحية والاقتصادية لزراعة وتعاطي القات في اليمن

السبت - 26 فبراير 2022 - الساعة 10:35 م
خالد دهمس

بقلم: خالد دهمس
- ارشيف الكاتب


يمثل زراعة وتعاطي القات في اليمن خطر يجب تداركه والعمل على التخفيف من اثاره الصحية والاقتصادية على الفرد والمجتمع والاسرة اليمنية، من التوعية اولاً من مخاطرة بين اوساط المجتمع ومنهم فئة الاطفال والشباب،  كما يزداد عدد متعاطيه سنويا بحيث لا تجد اسرة يمنية لا يوجد فيها من يتناول هذه الشجرة الخضراء الذي اعتبرها الخبيثة،  والطامة الكبرى تناول النساء والفتيات لشجرة القات وفي مجالس خاصة وعامة ولم يعد عيباً كما كان في الماضي بالنسبة للنساء. 
على الرغم من ان الدراسات العلمية اثبتت ان القات مادة مخدرة وعلى اثرها فان كثير من بلدان العالم تعاقب متعاطيه وتمنع وجوده في بلدانها، الا ان اليمن لم تسن اي قوانين او إجراءات للحد من تناوله في كل الاوقات والاماكن، كما انتشرت ظواهر سلبية جديدة لم تكن معهوده من قبل فخلال هذه السنوات انتشرت ظاهرة ( التحذيفة )  وهي مضغ كميات قليلة من القات صباحاً والذهاب للدوام وفي فم الموظف وريقات من القات كونها تعطي المخزن نشاط وقدرة على مواصلة العمل،  كونه قد سهر معظم اوقات الليل. 
الآثار الصحية: تتمثل الأضرار الصحية لمتعاطي القات بما تحتويه أوراقها من مركبات المبيدات الكيمياوية، وبما يحدث في مجالسها من تدخين.
فأوراق القات تتشبع بكثير من المركبات وبنسب متفاوتة؛ أهمها مادتا الكاثينونcathinone والكاثين cathineاللتان تعملان على تنشيط الجهاز العصبي، وعلى زيادة ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم. أما حمض التانين tannin فله تأثير قابض في الجهاز الهضمي، ويسبب الإمساك. ومن الأضرار الشائع حدوثها بين متعاطي القات التهاب المعدة، وعسر الهضم، والإصابة بالبواسير، والتهاب الشعب الهوائية، والتهاب الفم، وفقدان الشهية، والأرق، والضعف الجنسي، وقذف السوائل المنوية من دون جماع فضلاً عن القلق والاكتئاب.

ويتعرض المخَزِّنون أيضاً للإصابة ببعض الطفيليات، مثل الأميبيا والإسكارس، إذ تمضغ أوراق القات طازجة، من دون غسلها.
وأما أخطر الأضرار التي يتعرض لها المخزنون؛ فهو التسمم الغذائي الناتج مما تحتويه أوراق القات من مبيدات خطيرة، قد تؤدي إلى موت بعضهم، ناهيك عما يحدث من تراكمات لهذه المبيدات في جسم متعاطي القات، والتي تظهر بشكل التهابات وسرطانات في أوقات متأخرة.
ومن عيوب مجالس القات؛ أن نسبة عالية من المخزنين يدخنون بشراهة السجائر والشيشة، فتُكوّن سحباً كثيفة من الدخان داخل غرفة التخزين، ولاسيما أنه لا يسمح بفتح النوافذ ولا الأبواب في أثناء فترة التخزين؛ مما يزيد في خطورة الأثر السلبي في الجهاز التنفسي، وصحة الجالسين. وعلى الرغم من أن تناول القات لا يؤدي إلى الإدمان؛ إلا أن التوقف عن تناوله يسبب لمتعاطيه حالات من التوتر والقلق والأحلام المزعجة مدة قصيرة. 
كما ان تناول القات من قبل المرأة الحامل له اثار صحية على الام الحامل وجنينها بسبب سميات المبيدات في شجرة القات والانهاك الجسدي لجسم الام واصبتها بسؤ التغذية وعدم قدرتها على الرضاعة الطبيعية وانعكاس ذلك على البنية الجسمانية والصحية للأطفال وتغزم الاطفال (اطفال النقفة) ووجود جيل منهك معلول بكثير من الامراض النفسية والعقلية. 
الآثار الاقتصادية: تتمثل في منافسته لمحاصيل نقدية هامة كشجرة البن التي اذا تم الاهتمام بها ودعم المزارعين وتشجيعهم على زراعتها سيكون لها مردود اقتصادي كبير على الدولة والمجتمع من خلال تصدير البن وتطوير عملية طحنه وتغليفه وادخال الآت حديثة،  ومن خلالها يتم تشغيل ايدي عاملة والحصول على العملة الصعبة. كما حصل البن اليمني في اخر مزاد في أمريكا حيث بيع الطن الواحد من البن اليمني بـ 350000 دولار ثلاثمائة وخمسون الف دولار بمعنى ان الكيلو الجرام يباع 350 دولار وهو اعلى سعر في العالم للبن لشهرت البن اليمني المعروف ( بالموكا ).
وهذا يعني ان اليمن تهدر مورد اقتصادي ضخم يعادل او يتفوق عن النفط والغاز،  وزراعة القات تحرم البلد من مورد هام.. 
كما ان توسع شجرت القات اسهمت في عدم زراعة عدد من الفواكه والحبوب واصبحت اليمن تستورد اكثر من 80% من احتياجاتها الغذائية من الخارج حيث كانت اليمن قديما تكتفي  ذاتياً من الانتاج الزراعي. 
يستهلك القات كميات كبيرة من المياه ومع شحت الامطار والجفاف في بعض المواسم تم حفر ابار ارتوازية جوفية بصورة عشوائية من قبل مزارعي القات، وتم استنزاف المياة الجوفية واليمن من اشد بلدان الشرق الاوسط وافريقيا في شح المياه وتعاني كثير من المدن والتجمعات السكانية من انعدام مياة الشرب، 
يتناول وتعاطي القات عدد كبير من موظفي الدولة والعمال وله اثار سلبية من خلال قلت إنتاجية الموظف حيث يحضر للدوام منهك الجسم شارد الذهن، ومع اقتراب نهاية الدوام يفكر في كيفية الحصول على قيمة القات والتي اصبحت في الوقت الحال غالية الثمن، مما يضطر الموظف للتحايل من اجل الحصول على المال والقيام بابتزاز المراجعين والرشوة والتغاضي عن المخالفات القانونية، مما يشكل فساد مالي وإداري واخلاقي، 
وان لم يستطع الحصول على المال بطرق غير مشروعه، او ان مصدر دخله المالي تحسن الا ان ذلك لا ينعكس على افراد اسرته من خلال الانفاق عليهم في احتياجاتهم الاساسية،  ينفق الكثير من دخله على شجرة القات وتناولها بشكل يومي. 
الانفاق المالي على تعاطي القات من قبل افراد المجتمع زاد بشكل كبير على حساب تنمية مداخيل افراد المجتمع ومنعهم من التفكير والعمل على بناء مشاريع صغيرة، او تشجيع الابناء على مواصلة تعليمهم الجامعي، برغم تفوق بعض الابناء علمياً لكن عدم قدرت رب الاسرة على الانفاق او تبذيره للمال على شجرة القات حرم البلد من نوابغ واذكياء الوطن في امس الحاجة لمثل هذه العقول. 
القات وجلساته الطويلة يضيع الكثير الاوقات وتحلو للمخزن السمر مع الاصدقاء والاحباب على حساب انجاز الكثير من الاعمال حيث يقوم بالتسويف والتأجيل ويتعرض للخسارة المادية وتضيع عليه الكثير من الفرص.. 
متعاطي القات و(مدمنيه) المخزن يومياً ان لم يتوفر لديه المال لشراء يقوم ببيع ادوات المنزل من الاثاث وغيرها والبعض وصل به الامر الى اجبار اطفاله او النساء في المنزل لممارسة التسول وهذا يدمر الأسرة وتتفكك اجتماعيا ويصبحون عالة على المجتمع. 
بسبب وجود هذه النبتة السحرية الخضراء انتهت عملية الادخار للفرد والاسرة حيث يلتهم القات مواردهم مقابل بضع ساعات من النشوة في القيل والقال وبهذا يتعرضون لازمات مختلفة ولا يجدون المال لحل مشكلاتهم وما حل بهم ويتذكرون المثل  المصري المشهور القرش الابيض ينفع في اليوم الاسود. 
ليس هناك مكاسب حقيقية اقتصادية للدولة من زراعة وتجارة القات حتى من الناحية الضريبية فما يتم تحصيله للدولة قليل ويشوب عملية تحصيله فساد كبير فالآثار الصحية والاجتماعية والبيئة واستنزاف المياه تحمل الدولة تكاليف كبيرة في معالجتها وامام دولة معضلة اقتصادية كبيرة في كيفية معالجة اثارة،  والحد من زراعته على حساب منتجات زراعية نقدية ولها فوئد على المدى الطويل في تحسين انتاجية الفرد الذي هو رأس التنمية فالإنسان السليم جسميا وعقلياً ونفسياً مورد اقتصادي لا ينضب.. 
اضرار القات الاقتصادية كبيرة واصبح الانسان العادي يشاهدها يومياً اهدار الطاقات والامكانيات غير ذي نفع فزيارة قصيرة لأسواق القات يشعرك بأن هذا المجتمع يعيش خارج  نواميس العالم،  ينفق اموال في غير ذا نفع ولا يأتي بسلة فاكهة لأطفاله بل البعض يتضور افراد اسرته جوعاً ورب الاسرة متكأ بأحد المقايل لا يلقي لهم بالاً..  
واخيراً للقات نشاط اقتصادي وتأثير اجتماعي وثقافي واصبح في صلب العادات التقاليد المتجذرة في المجتمع،  ومعالجتها بحاجة للتدرج واتخاذ يرامج من قبل الدولة ومنظمات المجتمع المدني والمراكز البحثية والدراسات الاجتماعية والمؤسسات التعليمية المختلفة ومنها الجامعات،  في التوعية من مخاطرة والتخفيف من استهلاكه الذي بدوره سيجعل المزارعون يقلون من زراعته وايجاد البديل للمزارع من الناحية المادية حتى يستبدل شجرة القات دون ان يتعرض لخسارة مالية كبيرة..


المصادر مقتطفات من مقال لـ
امين الحميدي
الموسوعة العربية عبر النت