آخر تحديث :الأحد-29 يونيو 2025-09:21م

من المسؤول عن عدم تنفيذ اتفاق الرياض؟!

الجمعة - 12 نوفمبر 2021 - الساعة 02:43 ص
د. عبيد البري

بقلم: د. عبيد البري
- ارشيف الكاتب


 

من المعروف أن المجلس الانتقالي الجنوبي لم يسعى إلى اتفاق الرياض ولم يكن راغباً فيه ولا مضطراً إليه. وإنما كان ملبياً، في ذلك، لدعوة ورغبة حكومة المملكة العربية السعودية، كونها تقود حرباً ضد عدو مشترك.

وفي الحقيقة أن المملكة كانت قد دعت المجلس الانتقالي إلى حوار مع الطرف الآخر في الوقت الذي كان يبدي الطرف الآخر عدم رغبته في الحوار، ولكنها استطاعت أن تفرضه عليهما، وأن توصل بهما إلى التوافق معها على كل ما احتوته بنود اتفاق الرياض، ومن ثم إلى التوقيع عليه.

كانت السعودية قد أدركت، في أغسطس 2019، أن لدى المجلس الانتقالي اصراراً وقدرة على مواصلة تحرير محافظات الجنوب من الاحتلال الذي تمثله السلطة "اللاشرعية" المعترف بها فقط من الخارج، فسارعت حكومة المملكة إلى استدعاء قيادة المجلس الانتقالي إلى جدة  للحوار مع تلك السلطة.

وفي جدة، رفضت السلطة "اللاشرعية" التحاور مع المجلس الانتقالي الجنوبي. لكن رفضها لم يلغي الهدف السعودي من الحوار، بل حولته حكومة المملكة إلى حوار غير مباشر بينهما، بحيث يجري كل ما فيه عبرها. وبعد ذلك الحوار الذي طال أمده بشكل لم يسبق له مثيل، كانت النتيجة الوصول إلى اتفاق الرياض بجهد سعودي خالص.

وخلال فترة تغييب القيادة الجنوبية عن الوطن في ذلك الحوار المطوَّل في جدة، تمكنت المملكة من اخراج النخبة الشبوانية من شبوة وتسليم المحافظة لتنظيم الإخوان مدنياً وعسكريا، ومن إدخال قواتها إلى عدن وغيرها من محافظات الجنوب، وكذلك تمكنت السلطة "اللاشرعية" -خلال تلك الفترة- من اجراء عمليات إعادة تموضع ونشر لقوى الارهاب في عموم محافظة ابين، فضلاً عن تجميع الكثير منها في شقرة.

وإذا كنا قد عرفنا أن اتفاق الرياض كان صناعة ورعاية وصياغة سعودية، وأن المجلس الانتقالي الجنوبي قد قدم للمملكة الكثير من التنازلات احتراماً وتقديراً منه لحكومة المملكة، ونفَّذ ما عليه في بنود الاتفاق... فلم يكن أمام المجلس، طوال السنتين الماضيتين، إلا انتظار ما كان على المملكة أن تفعله لإلزام الطرف الآخر بتنفيذ الاتفاق نصاً وروحاً، كون المملكة هي الجهة المسؤولة عن اتفاق الرياض أولاً وأخيراً، وهي وحدها التي كانت مُطالبة –طوال فترة السنتين- بالإشراف على تنفيذه، كاتفاق مزمّن، في الوقت المحدد لكل بند من بنوده.

وبالنسبة لشعب الجنوب، كان انتظاره للمملكة، لعلها تقوم بمسؤوليتها، انتظاراً قاتلاً. ولكن ثقة الشعب بقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي، وما يمكن أن تتخذه من تدابير عاجلة، جعلته يتحمل ما وصلت إليه الأحوال الأمنية والاقتصادية والمعيشية من تردي غير مسبوق في العالم العربي، على الرغم من أن كل ذلك يُعتبر نتيجة مباشرة لعدم تحمل المملكة السعودية مسؤوليتها عن تنفيذ اتفاق الرياض.

بقلم: دكتور عبيد البري