آخر تحديث :الأربعاء-14 مايو 2025-08:23م

عبدربه.. عيدروس!

السبت - 24 أغسطس 2019 - الساعة 07:08 م
عبدالقوي الشامي

بقلم: عبدالقوي الشامي
- ارشيف الكاتب


عبدربه. عيدروس. رمزان لمشروعيتين، إحداهما سلطوية والأخرى شعبية، الأولى آدمنت الهروب بين العواصم، والثانية أدمنت الثبات في العاصمة عدن، وعلى وقع الهروب والثبات يحتد التنافس بين ما تمثله كلٍ منهما، في الساحة الجنوبية، صعوداً دون الهبوط. منذ حرب إحتلال الجنوب صيف 1994.. 

دعونا نلقي نظرة موضوعية، على موقفي الرجلين من الجنوب، الذي يشتركان عضوياً بالإنتماء إليه.. فخلاصة مسيرة الأول السياسية تشي، أنه لم يستند إلى نبوغ ذهني أو فكري، ولا للتميز في الأداء يعكس قوة الشخصية، ولا إلى قدرات اِستثنائية أهلته إلى أعلى المناصب.. فكل ما كان يميز الرجل، في عيون المكتشف، الرئيس السابق علي عبدالله صالح، هو إنتمائه الجغرافي للجنوب. وإستعداده الكامل للجلوس على كرسي الوزارة، النيابة فالرئاسة، كـ "كوز مركوز" كما كان يُطْلِق علية الشارع السياسي الشمالي أكثر من الجنوبي، في تلك الحقبة. من هنا أتى اِجماع نخبة الشمال، على إختياره مرشح توافقي، للإنتخابات عام 2012. خاصة وإن تلك النخبة كانت يومئذ، تعاني من صداع حراك الشارع الجنوبي.. لذا لا غرابه أن يضع، عبدربه، نفسه دائماً في خانة أعداء الجنوب مثل"أخوان اليمن" العمود الفقري لحزب الإصلاح، وكأني بهم، بايعوه والياً على إمارة اليمن في دولة (الخرافة).. تحالف آخر نسجه الرحل لاحقاً، مع شراذم المؤتمر الشعبي العام، الطامحين لمواصلة نهب ثروات الجنوب والعودة لفجاجة التنمر على الجنوبيين بإسم الوحدة.

كل ما سبق كوم وإختيار عبدربه، لـ سلطان البركاني، رئيساً للبرلمان، كوم آخر. فالرجل معروف بعدائه الصريح والواضح، لكل ما له صلة بالجنوب، منذ أول يوم وحدة. بما في ذلك هادي نفسه. وأعتقد جازماً أن البركاني سيكون القشة التي ستقصم ظهر عبدربه شمالاَ.. أما ثالثة أثافي عداء عبدربه للقضية الجنوبية، فتتمثل بـ(كعبٍ أخيل) إسمه (المكاوي) أدمن إنتحال صفة التمثيل للحراك الجنوبي. لا يتعدى كونه، حبرٌ سائلٌ جاهزٌ للتوقيع تحت أضواء (الكاميرات) الرئاسية، كيفما ومع من أُتُفِقَ!! فـ عبدربه، على يقين بإن حل القضية الجنوبية، على أي نحوٍ، سيفقده ورقة التوت هذه. من هنا يأتي رفضه القاطع اِدراج الجنوب كقضية حوارية، في اِطار الجهود الدولية الرامية إنهاء الحرب.. وهو موقفٌ يستدعي، مقولة منسوبة للإمام علي إين أبي طالب تقول "إذا وضعت أحداً فوق قدره.. فتوقع أن يضعك دون قدرك!!   

  وعلى النقيض من عبدربه يُعد عيدروس أحد أبرز الوجوه العسكرية والسياسية، للثورة الجنوبية. أثبت إنحيازاً صريحاً وواضحاً، لعودة الدولة الجنوبية المنشودة، كأحد المشاركين في حرب 94، في جبهة (دوفس) بمحافظة أبين. دفاعاً عن التراب الوطني الجنوبي.. أسس مع رفاقه تجمع عسكري مقاوم للإحتلال تحت إسم حركة (حتم).. وكان محل سخط شمالي، شأنه في ذلك شأن الكثير من قادة الحراك الجنوبي. الذين زلزلوا مداميك وحدة الضم والإلحاق.

وما حكم الإعدام الصادر بحقه وآخرين، من قبل حكام صنعاء، الأ دليلاً على خطورة دوره العسكري والسياسي على وحدة الفساد والإفساد.. وكان محل إعجاب الشارع الجنوبي، عندما رفع علم الجنوب، فوق مكتب المحافظة. غُداة تعيينه محافظاً لعدن.. واليوم يقود عيدروس، فريقاً من الكوادر الجنوبية العسكرية والسياسية المميزة، تمهد الطريق لقيام الدولة الجنوبية.. فالرُجلُ وإن كان يؤُخَذ عليه، الخلط بين مفهومي، الرئاسة للمجلس الإنتقالي الجنوبي والدولة الجنوبية. وهي رئاسة لما يُختار لها، لإنتمائه الجغرافي وحسب، بل وإيضاً لانتمائه السياسي والوطني المخلص للجنوب.. وإن كان كـ عبدربه، يُطْلَقُ عليه اليوم الرئيس. لكن في الجنوب، شتان بين رئيسٍ ورئيس!!

نعم شتان بين رئيسٍ معترف به في الشمال إسمياً، "لا يهش ولا ينش"، ودولياً معترف به بروتكولياً. رئيسٌ، صامت يستمد قوته من ضعفه، لكن صمته أتاح لكل الكلام بإسمه دون أن يحرك ساكناً. ورئيسٌ معترفٌ به وطنياً في الجنوب ، يحوز على ثقةٍ الأعداء قبل الأصدقاء، في القول والفعل، يستمد قوته من قضية شعبه.. رئيسٌ صامت ولكن الكل دون إستثناء يتكلمون في صدى صمته..