آخر تحديث :الإثنين-18 أغسطس 2025-01:21م

التجار و الدولار

الثلاثاء - 11 ديسمبر 2018 - الساعة 11:23 م
فؤاد عبد الغفار

بقلم: فؤاد عبد الغفار
- ارشيف الكاتب


قصة التجار مع  الدولار يعرفها الجميع, فقد كانوا – في الأشهر الماضية - يحصون عليه أنفاسه, و يعدون حركاته و سكناته, يتابعون نشراته و بورصاته, وأحيانا يتقدمون عليه في الصعود, ففي حديثه المقتضب, قال الدولار عن التجار: لقد كانوا يلاحقونني كظلي, فكلما صعدت درجة وجدت التجار قد سبقوني إلى الدرجة التي تليها..

أصحابنا التجار – هدانا الله و إياهم - يضعون  اللوم كله على الدولار, فحين تسأل التاجر عن ارتفاع الأسعار اليومي, بل في اليوم عدة مرات.. يقول لك: الدولار في ارتفاع مستمر !

وحين تذهب إلى كثير من المعارض و المحلات؛ لشراء بعض الأدوات, تجد الأسعار كلها بالعملة الصعبة, بالسعودي أو بالدولار.. و التاجر السمح من أصحاب هذه المعارض, هو الذي يتنازل قليلا, ويرضى بما يعادل السعر بالريال اليمني, إن لم يقل لك: ادفع بالريال السعودي و ليس بالريال باليمني..

لقد مر المواطن العادي بأزمة شديدة وخانقة, عانى منها كثيرا, وألقت بظلالها على كل شيء , فالإيجارات والعقارات وكل ما تتخيله صار بالعملة الصعبة, بالسعودي.. وصارت المواد الأساسية - على الكثيرين -  بعيدة المنال, و وجبة الأرز الهانئة أمنية العديد من الأسر.. و الطامة الكبرى الدواء, الذي يحتاج إلى رقابة لصيقة من قبل الدولة, وشفقة و رحمة من قبل التاجر..

أينما تولي وجهك تجد غلاءً فاحشًا, لا يقوى عليه ذوو الدخل المحدود.. في المقهى و المطعم, في المخبز و البقالة والمقليات, في وسائل النقل و المواصلات والصيدليات.... وصارت الخمسون ريالا أو المائة لا تكفي الصغار في المدارس أو في العصر.

لم تقم الدولة بدورها في حماية المواطن من طمع التجار و جشعهم, وتركت الحبل للتجار, فصار المواطن العادي يلهث وراء حمى الأسعار الفيروسية, و لا يسمع في كل ذلك سوى. الدولار.. الدولار .

وبجهود كبيرة من السلطة المحلية بالمحافظة, بدأ المواطن المسكين يلتقط أنفاسه, حين لاح في الأفق البطاقة التموينية و السلة الغذائية ذات المواد الأساسية الثلاثة.. وارتاح أكثر و أكثر بتعافي الريال اليمني أمام العملات الأجنبية..  ولكن انخفاض الأسعار لم يكن بقيمة  التحسن الملحوظ في قيمة الريال اليمني, ولقد سمعت تاجرا, يقول: ( كيف؟؟ و الذي اشترى البضاعة غالية), وآخر يقول : هذه لعبة  وكأن الارتفاعات السابقة التي حدثت سياسة اقتصادية حكيمة..

وكأن التاجر لدينا يجهل مبدأ الربح و الخسارة في التجارة الحقيقية .. ورحم الله رجلا سمحًا إذا باع و إذا اشترى و إذا اقتضى.