آخر تحديث :الخميس-15 مايو 2025-11:43ص

الشاعر أبو نواس والخليفة المأمون

الأحد - 11 نوفمبر 2018 - الساعة 09:26 ص
د. الخضر عبدالله

بقلم: د. الخضر عبدالله
- ارشيف الكاتب


يُقال إن الخليفة "المأمون" أنشد قصيدة أمام مدعويه وحاشيته، وكان جالساً بينهم الشاعر أبو نواس، وبعد أن انتهى من إلقاء القصيدة، نظر إلى أبي نواس وسأله : هل أعجبتك القصيدة يا شاعرنا؟

أليست بديعة؟ فأجابه أبو نواس: لا أشتم بها أية رائحة البلاغة !... فغضب المأمون وأسرّها في نفسه، ثم مال على حاجبه وقال له: بعدما أنهض وينهض المدعوون وينفض المجلس، احبسوا الشاعر أبا نواس في الإسطبل مع الخراف والحمير..!!.

ونفذ الحاجب الأوامر، وطبقاً لذلك ظل أبو نواس محبوساً في الإسطبل شهراً كاملاً، ولما أفرج عنه وخرج من الإسطبل، عاد إلى مجلس الخليفة.. وعاد الخليفة إلى إلقاء الشعر، وقبل أن ينتهي من الإلقاء، نهض أبو نواس، وهم بالخروج من المجلس، فلمحه الخليفة، ثم سأله: إلى أين يا شاعرنا؟

فأجاب أبو نواس: إلى الإسطبل يا مولاي !.

في أحيان كثيرة يجد الواحد منا نفسه بين خيارين لا ثالث لهما، فإما أن يرتدي ثوب أبي نواس من غير مجون ولا بذاءة ، لا يداهن ولا يماري ولا يتلون ولا يخطب ود ذوي الشوكة، ويقول الحق الذي يراه ولو يغضبهم ويذهب بعدها إلى "الإسطبل" وهو راض عن نفسه، يسنده شعور قوي بأنه ناصر الحق واصطف في صفه، أو يرتدي عباءة أعضاء مجلس الخليفة المأمون يقف معهم يداهن ويماري، ويصفق لأداء الخليفة المتواضع، ينافق، ويمجد شعره الركيك وإلقاءه الممل طلباً في التزلف ورضا السلطان.

لكن لا شك أن لكل موقف ثمنه، فللحق ثمن باهظ أنكى وأفظع من العيش في اسطبلات الخليفة، والمداهنة والمواربة ثمن مغرٍ هو بمثابة نعيم غير مقيم يزول بزوال صاحب المجد الزائل ، فلا وجه للمقارنة بينه وبين نعيم مقيم لا يزول بل يظل باقياً ما دامت السماوات والارض لأن صاحب المجد والنعيم هنا لا يعتريه الزوال فأنعم به من سند نصير ....  اللهم ثبتنا على دينك.