من الامثال الشعبية حقتنا .. اللي تلوكها السن الناس كل يوم ، مثل يقول : ( يا ما في السجن من مظاليم) واهل زمان كانوا يسموّا السجن ( حبس) .. وهذا المثل يدل على ان اللي في السجن – أي سجن كان – ليس معناته انهم كلهم .. مذنبين او مرتكبي جرايم وافعال جنائية استحقت الحكم عليهم بالسجن ولكن يكون سجن بعضهم بتهم كيدية .. او تهم سياسية .. مثل قصة خونا السجين في صنعاء من مدة طويلة احمد عمر العبادي المرقشي ((حارس جريدة الايام المقهورة )) .. وعلى ذكر السجون والمساجين – على ما تقولوا .. ( الحبس والمحابيس) .. اذكر هنا انه في زمن السلطنة العبدلية في لحج ، زار السلطان فضل بن علي العبدلي – وهوه اخر سلاطين لحج حتى استقلال الجنوب العربي .. في ( سبعة وستين ميلادية) – من عمتنا وخالتنا وعزّما عندنا بريطانية – اه يا قهري عليش يا بريطانية – زار السجن ((الجات)) في مدينة الحوطة مركز السلطنة ، على ماتقولوا بسماية اليوم – العاصمة- وقلّ لواحد كان محبوس : انته على شوه حبسوك؟ قلّ له تبا الصدق والاّ ابن عمه .. انا معي عيال ملات حلقي جواعى وبلا اكل وكان ماشي معي بيس .. الدنيا عندي جفاف وطفر .. اضرب القملة بصميل .. وما كان معي أي حل الاّ سرقت البقرة حقت جارنا .. وحسبت ان الامر سهل .. وان جاري بيسامحني ، وبعتها (بمية شلن) ..
و ذلحين شوفني داخل ((بيت خالتي)) – يقصد السجن – وكان جالس بجمبه محبوس ثاني ، سأله السلطان : وانته شوه قصتك .. ليه حبسوك..؟ قلّ له .. ((انا دلال مواشي)) .. في (سوق الجلب) وهذا لنسان جاب لا عندي بقرة ، وقال انها حقته .. وقمت انا وبعتها له في السوق وعطيته قيمتها بالوفاء والتمام .. وماشي داري انها مسروقة .. ولا دريت الا وعسكر السلطنة جاو وشلوني انا وثيابي وفراشي – كانوا زمان يحسبوك انته وثيابك وفراشك- والله يا مولانا السلطان انا مظلوم .. لي سنة وزايد قليل .. ونا محبوس في هذا المكان .. وجلس يبكي لمّا دموعه سالت فوق ثيابه .. ورثي السلطان لحاله – وهذا كان من النادر – وفك له .. لكن السلطان فضل بن علي العبدلي – الله يرحمه – لم يسأل او يتخبر .. عن المحابيس على باطل اوظلم .. هكذا على ما تقولوا المحابيس في قضايا السياسة وبشهود زور .. وكانت لحج في النص الثاني من الستينات .. مثلها مثل بقية مناطق الجنوب العربي ، في غليان وفوران شعبي ونضال وكفاح مسلح منشان تحرير الجنوب من عمتنا العجوز بريطانية – وهذي كانت اكبر غلطة فعلناها في حياتنا .. بعدين ندمنا عليها .. بس شوه فايدة بعدما ((المكوى)) – بعض يقلوّله ((ميسم)) .. قد حط بالظهر ، هذي القصة عن زيارة السلطان فضل بن علي العبدلي للمحابيس في السجن في الحوطة .. كلمّني بها اخي وصديقي النقابي المناضل المرحوم عبدالله علي عبيد الوهطي ، في مقابلة صحفية اجريتها معه بمناسبة تكريمه بـ (وسام وترس الحركة النقابية) في الذكرى ((الخامسة والعشرين )) لتأسيس النقابات ، ونشرتها جريدة ((صوت العمال)) في مارس 1981م – أي قبل – ((خمسة وثلاثين سنة)) .. وفيها تفاصيل كثيرة .. وبالمناسبة كان حبس النقابي عبدالله علي عبيد الوهطي ، في سجن لحج ((حبس سياسي)) في ذاك الزمان ، بتهمة قيامه بتأسيس (حزب الفلاحين) .. والبداية كانت من مدينة الوهط ، والنقابي المرحوم عبدالله علي عبيد الوهطي ، هوه بن عم القايد العسكري البارز والمناضل الوطني الشجاع .. خونا العزيز احمد سالم عُبيد – اطال الله في عمره .. ومتعه بالصحة والعافية وسنكتب عنّه موضوع خاص ، في اعداد قادمة .. ان شاء الله..
وفي عهد عمتنا بريطانيه .. كانوا يحبسوك في عدن ، بأمر من المحكمة ، ويفكولك بحكم من القضاء ، ويكذب ابوه .. وابو ابوه ..اللي كان يقدر يحسبك خارج نطاق القانون ، با يودوا امه في ستين داهية ، حتى في ايام النظام الوطني الديمقراطي .. في عهد الحزب الاشتراكي – وهو نظام شمولي- كانوا يحبسوك بالقانون .. بس في القضايا السياسية .. كانوا يشلوّا ((الخصوم السياسيين)) .. في الليل وعيونهم مربطين ، ساني الى سجن الفتح او مربط .. او المنصورة .. او زنجبار ن وكم من واحد تمت تصفيته ، ولماّ يجوا اهله يسألوا عنّه .. يقولوّلهم : بنكم ((صرف او لحس)) – معناته انتهى- طيب وين قبرتوه .. ووين دفنتوه .. شوه من وادي وشوه من جبل او (كنتينر) ..؟ يردوا عليك .. نحنا ماشي داريين .. روح عند صحاب فوق .. او يقلوّلك : (بنكم ماشي عندنا ) .. خلاص (خبر زلج) .. وكم من ريوس كبيرة .. وهامات عظيمة ونفوس طاهرة .. وكم من مناضلين .. وناس شرفاء .. راحوا فطيس بهذي الطريقة المؤلمة والحزينة .. وتيتموّا من بعدهم عيالهم وترملوا نسوانهم .. لا حول ولا قوة الا بالله .. خلاص هذي فترة جزعت وهبّت وانتهت .. ماشي عاد داعي نقلّب المواجع ، بعد كل هذي السنين الطوال ، كانوا الحكام حقونا . (عويلة طايشين) يهرجوا من نخرهم . واخرتها ضيعوّنا وضيعوّا بلاد بحالها .. ودخلونا في وحدة لا راس لها ولا رجول .. والمسالة كلها كانت تدمير النظام الاشتراكي .. ونهب ثروة الجنوب والسيطرة على باب المندب وجعله معبر لتهريب الاسلحة والحشيش والمخدرات والخمور ، وعلى ذكر الحبس والمحابيس .. هنوك الان (محابيس) .. في السجون ، مع ما يسمى بـ (الحزام الامني) .. والاحتياطات طبعا واجبة خاصة ونحنا عادنا الاّ خرجنا من الحرب والمناطق المحررة في الجنوب ، ملانة بالصالح والطالح ، بس لا متى با يجلس المحابيس في السجون ..؟ فهنوك .. بحسب ما كلمتني بعض الاسر من لحج وعدن – عيالهم محابيس لهم زايد على سنة ، كما نظمت اسر المساجين من ايام قريبة في عدن وقفات احتجاجية طالبت بأطلاق سراح عيالهم او محاكمتهم وماشي هنوك خلاف ان البريئين اللي ماشي عليهم حاجة ، سيتم فكّهم من الحبس، لكن شوه فايدة بعد هذا الحبس الطويل وبعد خراب مالطة ..؟ وهذا عيب كبير ، في حق الحكومة الشرعية ، فكثير من المحابيس مظاليم ، وهنوك من عليه قضايا .. فلازم .. لازم .. تحريك هذا ((الملف الخطير)) وحسمه والامر مطروح على نايب رئيس الحكومة الشرعية ، وزير الداخلية خونا العزيز اللواء حسين محمد عرب ، وهوه خبرة امنية وسياسية كبيرة ، وتحمل مسؤوليات امنية رفيعة من زمان في الجنوب وفي الشمال .. ونبا نقلّ له : لابد يا خونا حسين بارك الله فيك وفي امثالك .. ان تكون السجون تحت اشراف إدارات الامن ، وان يتم فرز المحابيس اللي في الحبس بحسب التهم ، ويطلق سراح من هوه بري في الحال وان تشكل لجنة لهذا الامر .. من النيابة والقضاء والسلطات المحلية والامن وبشكل عاجل لا يقبل التأجيل .. فكم في السجن من مظاليم..!
