توقفت إجراءات صرف رواتب الموظفين المتأخرة في العاصمة المؤقتة عدن ثاني أكبر مدن اليمن، والمناطق الخاضعة لإدارة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بشكل مفاجئ، وسط سخط بالغ يسود أوساط الموظفين المدنيين. وكانت الحكومة بدأت بالفعل الاستعدادات لصرف الرواتب عبر وزارة المالية.
وجاء ذلك متزامنا مع التطورات التي حدثت أمس الثلاثاء، ويُذكر أن الموظفين تأخر صرف مستحقاتهم لنحو أربعة أشهر؛ في ظل ظروف حرجة تمر بها البلاد، فاقمت الأوضاع المعيشية لهم إلى مستويات تفوق قدرتهم على الاحتمال.
وأفادت مصادر مطلعة "العربي الجديد"، بأن الإدارات المالية في مختلف الأجهزة والدوائر الحكومية بعدن توقفت، أمس الثلاثاء، عن متابعة استكمال الإجراءات المتعلقة بصرف رواتب شهري أكتوبر/ تشرين الأول ونوفمبر/ تشرين الثاني، دون توضيح الأسباب الكامنة وراء ذلك، أو تفسير التأخير الحاصل منذ إعلان بدء عملية الصرف.
يأتي ذلك تزامناً مع إعلان رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، أمس، حالة الطوارئ في كل أراضي الجمهورية لمدة 90 يوماً قابلة للتمديد، غداة إطلاق السعودية عملية عسكرية محدودة، وجاء الإعلان استناداً إلى الصلاحيات الممنوحة لرئيس مجلس القيادة بموجب الدستور، وحفاظاً على أمن المواطنين، وتأكيداً للالتزام بوحدة اليمن وسيادته وسلامة أراضيه.
وقال موظفون مدنيون في عدن لـ"العربي الجديد"، إن أوضاعهم باتت مأساوية بسبب تأخر الرواتب للشهر الرابع على التوالي، حيث عجز الكثيرون عن توفير الاحتياجات الأساسية لأسرهم. وكانت وزارة المالية قد أعلنت، الأحد 21 ديسمبر/ كانون الأول، إطلاق تعزيزات مرتبات موظفي القطاعين المدني والعسكري للشهرين الماضيين، بما في ذلك الفوارق والتسويات للمبعدين العسكريين.
وأوضح مصدر حكومي مسؤول، في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية الرسمية "سبأ"، أن إطلاق هذه التعزيزات جاء تنفيذاً لتوجيهات رئاسة مجلس الوزراء، وفي إطار حرص الحكومة على الوفاء بالتزاماتها ومسؤولياتها تجاه موظفي الدولة.
بيد أن خبراء اقتصاد ومصرفيين توقعوا، قبيل قرارات وتطورات، أمس، أن تواجه الحكومة صعوبة بالغة في تنفيذ قرار الصرف؛ نظراً لتقويض وجودها في عدن، وبدء العمل بشكل موازٍ لها، وسط عجز تام عن تلبية احتياجات المواطنين والخدمات العامة.
وأشارت التوقعات إلى أن البنك المركزي، في ظل الأزمة الراهنة، كان يدرس اللجوء لـ"السحب على المكشوف" لصرف الرواتب، واستخدام شحنة مالية جديدة من العملة المطبوعة دون غطاء نقدي، مما قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة على القيمة الشرائية للعملة وأسعار السلع.
في السياق ذاته، منح قرار رئيس مجلس القيادة الرئاسي محافظي حضرموت والمهرة صلاحيات كاملة لتسيير شؤون المحافظتين اللتين تعيشان أوضاعاً صعبة على المستويات كافة.
وتتزامن هذه المستجدات مع إعلان صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته في اليمن وإيقاف اجتماعات مشاورات "المادة الرابعة"، مما يفرض تهديدات جدية لاستقرار العملة، وسط مخاوف من انهيار متسارع لسعر صرف الريال من جراء لجوء الحكومة للصرف من مصادر مالية غير آمنة.
وتتوقع تقارير اقتصادية أن تؤدي هذه التطورات إلى إضعاف القدرة الشرائية للأسر اليمنية إلى أدنى مستوياتها؛ نتيجة انخفاض الدخل، وتوقف الرواتب، وتقلص فرص العمل، مما أدى إلى انخفاض حاد في التنوع الغذائي لدى معظم الأسر التي باتت تعتبر فقدان الدخل الصدمة الرئيسية المستمرة التي تواجهها.