آخر تحديث :الإثنين-22 ديسمبر 2025-04:58م
أدب وثقافة

يوميات سجين (قصة)

الإثنين - 22 ديسمبر 2025 - 03:30 م بتوقيت عدن
يوميات سجين (قصة)
بقلم / عصام مريسي

الممر إلى السجن.. الثانية

مازال الجموع القابعة على الكراسي الخشبية المهترئة يحذقون في دهشة نحو الستيني ذو السمت الذي يدل على الوقار والهيبة وهو يساق نحو زنزانة الحجز وعضوا النيابة يباشران حجزه تاركين إدارة ماتبقى من الجلسات للقاضي منفردا ورغم ما يبدو على المتهم من خيبة الأمل لكنه يسير رافعا الرأس تحدوه الثقة وهو يتمتم بالأوردة التي جعلته يفيض نحو عالم ٱخر زاده تماسكا وصلابة .. يقرع القاضي على الطاولة التي يتوارى جسده الشاحب خلفها بمطرقة خشبية محاولا إعادة الجلسات إلى نصابها قبل أن يصدر ويتفوه بالحكم الغاشم الذي استهجنه الحضور بعد حضورهم جلسات متعددة وارتفعت بعض الأصوات :

حكم ظالم

وأخر يردد:

القاضي لم يعدل

ينادي القاضي على اطراف الدعوى التالية

مازالت القاعة تعج بالفوضى والشغب بعد أن فقد القاضي قدرته على السيطرة على الحضور وإعادة الهدوء وبصوت مهزوز ينادي على الأطراف ومن مؤخرة القاعة يجيب أحد الحضور بصوت باهت:

لا يوجد أحد بهذا الأسم .. لقد غادر بعض الحضور

منفعلا القاضي يصدر اوامر باعتقال المتكلم ووضعه في زنزانة المحكمة:

خذه يا عسكري إلى الحجز

ترتفع الأصوات ويزاد الشغب وبقرار إنفعالي أخر يصدر القاضي قرار تعليق باقي الجلسات،،:

تعلق الجلسة وتؤجل إلى مواعيد جديدة تراجع مع أمينة السر التي غادرت مسرعة خوفا من تفاقم الفوضى والشغب

فتح باب الحجز يأمرا عضوا النيابة المتهم بالدخول والجموع في ممرات المحكمة المنتظرون للجلسات ومرافقي الأطراف المتخاصمة تغشيهم الدهشة من هول ما يصنع بالستيني ذو الوقار والهيبة وخو يساق نحو الحجز وعضوا النيابة في إضطراب من امرهما ترتفع الأصوات خارج قاعات الجلسات منكرة مايجري وتنهض من مكانها إمرأة اربعينة صارخة :

ماذا فعل هذا الشيخ حتى يفعل به كل هذا.

بانفعال يجيب عضوا النيابة بصوت واحد بنغمة مرتعبة ونبرات قلقة:

لقد سب القاضية وتقدم بشكوى ضدها وبنا يتهمنا بإنا متواطئين معها.

من طرف الممر ينطلق صوت اقران من الشباب:

اطلقوا الشيخ .. فلامر لايستحق كل هذا

خوفا من تفاقم الوضع يقودا عضوا النيابة المتهم خارج المحكمة قبل وصول حافلة نقل السجناء نحو السجن في سيارة أحدهما صارخان:

اصعد .. هيا اصعد

يفتح باب السيارة ويدفع الستيني نحو القمرة الخلفية و ترتفع حالة القلق لعضوا النيابة وهما يغلقان الباب بقوة ويعدا نحو قمرة القيادة تنطلق السيارة بسرعة مغادرة مبنى المحكمة حتى كادت أن تدهس إحدى المارات في الشارع وهي تحاول العبور مع صغارها لولا تراجعها إلى الخلف بسرعة وهي تصرخ:

أنتبه ايها المجنون كدت تقتلني وأبنائي

لم يأبه السائق للمرأة وتجاوز المكان بسرعة جنونية وأحد عضوي النيابة يصرخ في وجهة الستيني:

إذا اردت أن تنجو من العقاب تنازل عن كل ما تطلبه منك زميلتنا

ويصرخ الأخر:

المحامي الذي تسير خلفه سيرديك إلى الهاوية

الستيني في وقار واتزان ينظر اليهما وهو يقول بصوت هادئ :

حسبي الله ونعم الوكيل

مازالت السيارة مسرعة وتقاد بطريقة جنونية تجتاز الطريق حتى وصلت نحو بوابة السجن ينهض أحد العسكر مقبلا نحو السيارة متفحصا القادم حتى كادت أن تدهسه وهو يتراجع نحو بوابة السجن وما أن يقترب من السيارة بعد توقفها يقول:

اوه .. سيادة القاضي انت دائما تقود السيارة بطريقة متوترة

يامر عضوا النيابة اقتياد المتهم نحو الزنزانة:

خذ السجين وامرهم ان يتوصوا به فالمتهم غالي علينا

وبصوت ساخر مستهزئ:

اكرموه في ارقى زنزانة

ايقن الستيني أن تلك الوصية للنيل من كرامته وإهانته من أجل ارضاء غرورهم فرفع راسه نحو السماء يناجي ربه كي يعينه على ما يعنيه ويدفع عنه شر شلة الاوباش المتلبسون بهيئة العدالة والحق

عصام مريسي