“هو تمام بس اللي تحته”.. سخرية عدنية تختصر حكاية الفشل في إدارة المدينة

عدن / غرفة الأخبار – عدن الغد

لم تعد الكتابات على زجاج المركبات في عدن مجرد عبارات للزينة أو المزاح، بل أصبحت وسيلة جديدة للتعبير الشعبي العميق، تختزل الغضب، والسخرية، ومرارة الواقع في جملة قصيرة تُقال من قلب الشارع.

في أحد شوارع المدينة، لفتت الأنظار عبارة كتبها أحد السائقين على مؤخرة سيارته تقول: هو تمام بس اللي تحته ، في جملة عامية بسيطة لكنها تحمل في طياتها نقدًا سياسيًا لاذعًا وموقفًا صريحًا من الواقع الإداري في عدن.

المعنى المقصود من العبارة – بحسب ما يفسره كثير من أبناء المدينة – ليس بعيدًا عن الواقع الذي يعيشه الناس، فالكلمات تشير إلى القادة الذين تُبرَّر إخفاقاتهم المتكررة دائمًا بالقول إنهم "جيدون"، لكن المشكلة تكمن في من هم "تحتهم" من مسؤولين وموظفين ومستشارين، في محاولة يائسة لتغطية فشلهم المستمر في إدارة شؤون المدينة.

بهذه الجملة الساخرة، يلخص المواطن العدني رؤيته للوضع: القيادات تتحدث عن نجاحات وهمية، وتلقي اللوم على من حولها كلما فشلت، فيما يزداد الشارع بؤسًا، وتغرق المدينة في أزماتها من كهرباء ومياه وأمن وخدمات.

عدن، بطبيعتها الساخرة والعميقة، لطالما وجدت في النكتة وسيلة لمقاومة القهر. فعبارة مثل هو تمام بس اللي تحته ليست مجرد دعابة مرورية، بل صرخة مغلّفة بالفكاهة ضد طبقة سياسية تبرر العجز وتتنصل من المسؤولية. إنها “نكتة موجعة” تعبّر عن وعي جمعي يرى الحقيقة بوضوح، ويعبّر عنها بخفة ظل لا تخلو من الحكمة.

ولأن الشارع في عدن لطالما كان ناطقًا باسم الناس، فإن مثل هذه العبارات أصبحت بمثابة نشرة يومية مختصرة لما يدور في عقول المواطنين: لا بيانات ولا مؤتمرات، بل جملة واحدة تُكتب بخط يدوي على زجاج سيارة لتقول كل شيء.

عدن، رغم الجراح، ما زالت مدينة تنبض بالوعي، وتجد في السخرية طريقًا لتقول الحقيقة حين يعجز السياسيون عن قولها.

غرفة الأخبار / عدن الغد