شهدت مدينة تعز خلال الأيام الماضية إقامة عدد من الخيام الاحتجاجية أمام مبنى السلطة المحلية، فيما أطلق عليها المحتجون اسم “خيام العدالة”، وذلك للمطالبة بإنصاف الشهيدة أفتهان المشرعي، مديرة صندوق النظافة والتحسين التي قُتلت في حادثة هزّت الرأي العام المحلي، وللمطالبة أيضًا بتحسين أوضاع عمال النظافة الذين أعلنوا الإضراب المفتوح.
المشهد في تعز بدا أشبه بعودة زمن الساحات؛ خيام منصوبة، أصوات غاضبة، وشعارات تطالب بالقصاص والعدالة والحقوق. وبينما يؤكد المنظمون أن الاعتصام سلمي ومحدود، يرى مراقبون أن المشهد يحمل ملامح أولى لتكرار تجربة “ساحة التغيير” في صنعاء، حيث يتحول الغضب من قضية محددة إلى مساحة للتعبير الشعبي عن الاحتقان العام.
وتشير مصادر محلية إلى أن المعتصمين يرفضون فضّ الخيام قبل تنفيذ المطالب، مؤكدين أن العدالة لا يجب أن تبقى شعارًا مؤجلًا. وتُعد هذه المرة الأولى منذ سنوات التي تشهد فيها تعز اعتصامًا مدنيًا طويل الأمد بهذا الحجم وبهذا التركيب الاجتماعي المتنوع، إذ يشارك فيه عمال، وناشطون، وأفراد من أسرة الشهيدة، في مشهد يعبّر عن التقاء المظلومية الاجتماعية مع الغضب الشعبي.
ويرى مراقبون أن استمرار الاعتصام دون استجابة من السلطات المحلية قد يفتح الباب أمام تطور الحراك إلى ساحة ضغط مفتوحة، خصوصًا في ظلّ تراكم الغضب من الانفلات الأمني وتكرار جرائم الاغتيالات دون محاسبة.
في المقابل، أكدت مصادر داخل السلطة المحلية أن التحقيق في قضية اغتيال أفتهان المشرعي مستمر، وأن الأجهزة الأمنية تتابع المتهمين، داعيةً إلى ضبط النفس وعدم تسييس القضية.
ومع تصاعد وتيرة الاعتصام، تتنامى الأسئلة في أروقة المدينة:
هل نحن أمام عودة جديدة لروح الساحات في مدينة طالما كانت منبع الحراك المدني؟
أم أن المشهد سيتوقف عند حدود المطالبة بالعدالة لافتهان، دون أن يتحول إلى انتفاضة مدنية جديدة؟
الوقت وحده كفيل بالإجابة، لكن المؤكد أن خيام العدالة في تعز أيقظت ذاكرة التغيير وأعادت إلى الشارع اليمني نغمة الصوت الحرّ المطالب بالحق، في زمنٍ ندر فيه الصدق وغابت فيه العدالة.