شهدت مدينة تعز صباح الثلاثاء مراسيم تشييع جماهيري مهيب للشهيدة افتِهان المشهري، التي اغتيلت قبل أيام في جريمة أثارت صدمة مجتمعية واسعة، ووصفت بأنها واحدة من أبشع الجرائم التي استهدفت المرأة اليمنية خلال سنوات الحرب.
وانطلقت جموع المشيعين منذ الصباح الباكر من مختلف مديريات ومناطق تعز، حيث تدفقت الحشود بالآلاف إلى ساحة التشييع، مرددين هتافات غاضبة تطالب بالقصاص العادل من القتلة، وإنهاء حالة الفوضى الأمنية التي تغذي مثل هذه الجرائم. وشارك في التشييع قيادات اجتماعية وسياسية، إضافة إلى أعداد كبيرة من النساء اللواتي حملن صور الشهيدة تعبيراً عن الحزن والغضب.
المشهد الجنائزي الذي غصت به الشوارع الرئيسية في تعز حمل رسائل قوية، إذ أكد المشاركون أن جريمة اغتيال المشهري لا تمس أسرتها فقط، بل تمس كل بيت يمني يرى في المرأة رمزاً للصمود والشرف والعفة. وقد ارتفعت أصوات كثيرة تطالب بسرعة التحقيق وكشف الجناة ومحاسبتهم، معتبرة أن أي تساهل في القضية يمثل وصمة عار على الجهات الأمنية والقضائية.
وتأتي هذه المراسيم في وقت تتواصل فيه الاحتجاجات الشعبية بمدينة تعز، حيث أغلق محتجون شوارع رئيسية ورفعوا لافتات تدعو السلطات المحلية إلى تحمل مسؤولياتها، متهمين إياها بالعجز عن ضبط الوضع الأمني. كما جرى التذكير بحوادث سابقة استهدفت مدنيين وصحفيين وناشطين، دون أن تُعلن نتائج واضحة للتحقيقات فيها، ما زاد من شعور المواطنين بفقدان الثقة في أجهزة الأمن.
وقد عبر العديد من المشاركين في التشييع عن أن هذه الجريمة تمثل صرخة في وجه المجتمع بأسره، ودعوة عاجلة لإعادة الاعتبار لحقوق المرأة اليمنية التي تعرضت خلال السنوات الماضية لانتهاكات متعددة، بدءاً من حرمانها من أبسط حقوقها وصولاً إلى استهداف حياتها.
وشددت شخصيات اجتماعية شاركت في التشييع على أن دم الشهيدة افتِهان لن يذهب هدراً، وأن صوتها سيظل حاضراً كرمز للمرأة اليمنية الصابرة، داعين المنظمات الحقوقية المحلية والدولية إلى التضامن مع القضية والضغط من أجل تحقيق العدالة.
واعتبر مراقبون أن المشاركة الحاشدة في تشييع الشهيدة تحمل دلالة سياسية واجتماعية عميقة، إذ تعكس حجم الغضب الشعبي من تراخي الأجهزة الأمنية، كما تعكس حجم الاحتقان في مدينة تعز التي تعاني من حصار طويل وانفلات أمني وصراع قوى مسلحة متداخلة.
واختتمت مراسيم التشييع بدفن الشهيدة وسط دعوات غاضبة بالقصاص ومحاسبة القتلة، فيما بقيت الأجواء في المدينة مشحونة بالغضب والحداد، لتتحول قضية اغتيال افتِهان المشهري إلى قضية رأي عام تتجاوز حدود تعز لتصل إلى كل اليمنيين.