آخر تحديث :الأربعاء-24 سبتمبر 2025-12:10م
ملفات وتحقيقات

السكن الطلابي بجامعة عدن.. من صرح أكاديمي متكامل إلى مبانٍ مهددة بالانهيار

الأربعاء - 24 سبتمبر 2025 - 08:15 ص بتوقيت عدن
السكن الطلابي بجامعة عدن.. من صرح أكاديمي متكامل إلى مبانٍ مهددة بالانهيار
عدن((عدن الغد))خاص

كان السكن الطلابي بمدينة الشعب بجامعة عدن عند افتتاحه في العام 2002 يُعد إنجازًا كبيرًا على مستوى البنية التعليمية في اليمن، إذ ضم في حينه أربع عمائر سكنية مصممة وفق معايير عصرية، إلى جانب حدائق وملاعب ومكتبة ومطعم مركزي، ليشكل منظومة متكاملة تتيح للطالب الجامعي بيئة تعليمية ومعيشية ملائمة. على مدى سنواته الأولى احتضن السكن آلاف الطلاب القادمين من مختلف المحافظات، ممن وجدوا فيه مأوى آمنًا يخفف عنهم أعباء الغربة ويساعدهم على التفرغ للدراسة.


لكن هذا الصرح الأكاديمي سرعان ما بدأ يتعرض للتدهور مع مرور الوقت، خصوصًا مع غياب أعمال الصيانة الدورية وتراكم مشكلات البنية التحتية. واليوم، وبعد أكثر من عقدين على افتتاحه، يعيش السكن الطلابي واحدة من أسوأ مراحله على الإطلاق، إذ تحولت مبانيه إلى هياكل آيلة للسقوط تعكس حجم الإهمال الذي طاله.


تسربات مياه وصرف صحي مدمّر


واحدة من أبرز المشاكل التي يعانيها السكن الطلابي هي تسرب مياه الصرف الصحي بشكل مستمر، الأمر الذي ألحق أضرارًا جسيمة بجدران المباني وأساساتها. الصور الميدانية من داخل وخارج السكن تظهر بوضوح التصدعات والتشققات، فضلًا عن تشوه الواجهات وتآكل الخرسانة بفعل الرطوبة. هذه الأضرار لا تهدد فقط المباني من الناحية الإنشائية، بل تنعكس أيضًا على صحة الطلاب الذين يقيمون في بيئة غير صحية تفتقر لأبسط مقومات النظافة والسلامة.


مرافق مدمرة بلا روح


المؤسف أن السكن الطلابي الذي كان في يوم من الأيام يضم مكتبة عامرة بالكتب وقاعات للمطالعة، وملاعب للرياضة، وحدائق للراحة والترفيه، ومطعمًا مركزيًا يقدم وجبات للطلاب، قد فقد اليوم معظم هذه المزايا. فالمكتبة أُغلقت أبوابها منذ سنوات، والملاعب تحولت إلى مساحات مهجورة، والحدائق اندثرت وسط الإهمال، فيما المطعم لم يعد يقدم خدماته بالشكل المطلوب.


ألف طالب في خطر


يُقدَّر عدد الطلاب المقيمين في هذا السكن بحوالي ألف طالب من مختلف كليات جامعة عدن، يعيشون في ظروف قاسية داخل مبانٍ متهالكة لم تعد تصلح للسكن الآدمي.


يقول الطالب محمد عبدالله من كلية الاقتصاد:


"نعيش هنا وكأننا في مبانٍ مهجورة.. الجدران متشققة، الروائح الكريهة من الصرف الصحي لا تفارق المكان، ومع ذلك لا خيار أمامنا سوى البقاء، لأننا لا نستطيع تحمل تكاليف السكن الخاص."


وتضيف الطالب سامي أحمد من كلية التربية:


"نحن نذاكر تحت تساقط المياه من المواسير، وأحيانًا نضطر لاستخدام الشموع بسبب انقطاع الكهرباء.. لا نشعر أننا طلاب جامعة، بل وكأننا مشردون داخل مؤسسة تعليمية."


دعوات عاجلة للترميم


في مواجهة هذا الوضع المأساوي، يوجه طلاب السكن مناشدة عاجلة إلى رئاسة جامعة عدن ووزارة التعليم العالي والحكومة الشرعية بسرعة التدخل لإعادة ترميم وصيانة السكن قبل وقوع كارثة لا تُحمد عقباها. الطلاب شددوا على أن السكن لا يمثل مجرد مبانٍ إسمنتية، بل هو بيت ثانٍ يحتضن آلاف الشباب الجامعيين الذين يُفترض أن يكونوا عماد المستقبل.


ويقول الطالب مروان سعيد من كلية الهندسة:


"إذا انهار أحد المباني غدًا فلن يكون ذلك مفاجئًا، نحن نعيش كل يوم في خوف، وكأننا ننتظر حدوث الكارثة."


أهمية السكن في العملية التعليمية


يرى أكاديميون أن السكن الطلابي بمدينة الشعب كان – ولا يزال – أحد أعمدة العملية التعليمية في جامعة عدن، لأنه وفر بيئة مستقرة للطلاب القادمين من المحافظات البعيدة، مما ساعد على رفع مستوى التحصيل الأكاديمي. ويؤكدون أن أي انهيار لهذه المنشأة سيمثل ضربة قاسية للتعليم الجامعي في عدن، وسيفاقم من معاناة الأسر الفقيرة التي لن تجد بديلاً عن هذا السكن.


نداء مفتوح


إن إنقاذ السكن الطلابي بجامعة عدن اليوم ليس رفاهية، بل ضرورة ملحة تتطلب تحركًا عاجلًا. فالألف طالب الذين يقطنون هذه العمائر المهددة بالانهيار يستحقون بيئة آمنة تحفظ كرامتهم وتساعدهم على مواصلة تعليمهم. وبينما تقترب جامعة عدن من الاحتفال بعامها الخمسين على التأسيس، فإن إعادة ترميم هذا السكن سيكون رسالة واضحة على أن التعليم والطلاب لا يزالون في صدارة الأولويات الوطنية.