في تصريح حاد ومفصل، كشف الإعلامي العسكري اليمني راشد معروف أن جريمة اغتيال الأستاذة افتِهان في مدينة تعز، التي هزّت الرأي العام اليمني والعربي، ليست وليدة اللحظة ولا استثناءً في مسلسل الجرائم الحوثية، بل هي حلقة ضمن سلسلة طويلة من الانتهاكات الممنهجة التي طالت النساء اليمنيات على مدى سنوات، منتقدًا بشدة محاولات مليشيات الحوثي "المزايدة السياسية" على هذه الجريمة في محاولة يائسة للتغطية على سجلها الأسود الحافل بجرائم القتل والتنكيل.
وقال معروف في حديثه: "للأسف، البعض يتعامل مع الأحداث بذاكرة السمكة، ينسون أو يتغافلون عن جرائم سابقة مماثلة، وكأن كل جريمة هي الأولى، وكل دم يُسفك هو الأول"، مشيرًا إلى أن هذا النسيان المتعمد أو غير المتعمد يخدم أجندات القتلة ويساعدهم على تبييض صورتهم الزائفة.
واستحضر معروف في تصريحه جريمة مروعة لا تزال محفورة في ذاكرة اليمنيين، وهي اغتيال الصحفية رشا الحرازي، زوجة الصحفي محمود العتمي، التي قُتلت مع جنينها الذي كان على وشك الولادة، في تفجير إرهابي استهدف سيارتهما بمدينة عدن في 9 نوفمبر 2021، بينما كانت في طريقها إلى المستشفى لإنجاب طفلها. وأضاف: "هذه ليست مجرد جريمة قتل، بل هي إبادة مزدوجة.. أم وطفل لم يرَ النور، ضحية إرهاب منظم لا يفرق بين حامل وطفل أو مدني ومقاتل".
ولم يكتفِ معروف بالإشارة إلى هذه الحادثة، بل استعرض سلسلة من الجرائم الحوثية التي استهدفت النساء اليمنيات في مناطق متفرقة من البلاد، كاشفًا عن تفاصيل مروعة تؤكد الطابع الممنهج لهذه الانتهاكات:
يناير 2019: مقتل المواطنة نور القيسي عند نقطة تفتيش تابعة للحوثيين في منطقة "الحيكل – ذي ناعم"، دون مبرر أو تحقيق.
15 مايو 2025 (ملاحظة: التاريخ مستقبلي، ربما خطأ مطبعي ويقصد 2020 أو 2021): مقتل امرأة أمام عيني طفلها الصغير في نقطة "أمسر – ذي ناعم"، في مشهد يعكس وحشية غير مسبوقة.
18 أبريل 2020: مقتل امرأة وطفلين في قصف عشوائي استهدف سوق "العقلة – الصومعة"، في جريمة تُظهر استهتارًا فاضحًا بحياة المدنيين.
27 أبريل 2020: مقتل المواطنة جهاد الأصبحي بعد اقتحام مسلحي الحوثي لمنزلها في قرية "أصبح – الطفة"، في جريمة ترقى لمستوى الإعدام خارج القانون.
مارس 2024: سقوط نساء وأطفال في تفجير ممنهج لمنازل في حي "الحفرة – رداع"، في إطار سياسة الترويع والعقاب الجماعي التي تنتهجها المليشيا.
وشدد معروف على أن هذه الأمثلة "ليست سوى غيض من فيض، وعينة صغيرة من سجل دموي ممتد"، داعيًا المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية إلى التوقف عن الصمت، ومحاسبة الجناة بدلاً من السماح لهم بالتملص من المسؤولية عبر خطابات التضليل والمتاجرة بدماء الضحايا.
وأضاف بلهجة حازمة: "دماء الأمهات والنساء اليمنيات صمة عار في جبين كل من يحاول التغطية عليها أو التلاعب بها. لا يمحوها إنكار الحوثيين، ولا تبررها مزايداتهم الزائفة، ولا يغفرها صمت العالم. أي جريمة تُرتكب بحق امرأة يمنية هي جريمة ضد الإنسانية، لا يرضاها الله ولا يقبلها الضمير الإنساني."
وختم معروف تصريحه بنداء عاجل للإعلام والناشطين والحقوقيين: "لن نسمح بأن تُنسى هذه الجرائم. علينا أن نؤرخها، نوثقها، نطالب بمحاسبة مرتكبيها، وأن نرفع أصواتنا حتى لا تُختزل دماء النساء في تغريدات عابرة أو بيانات إدانة روتينية. اليمنيات يستحقن العدالة، ويستحقن أن يُكتب لهن تاريخ لا يُمحى من الذاكرة."