آخر تحديث :الجمعة-12 سبتمبر 2025-07:11م
أخبار وتقارير

السفير لؤي الارياني:أمن البحر الأحمر يعتمد على اليمن

الجمعة - 12 سبتمبر 2025 - 05:00 م بتوقيت عدن
السفير لؤي الارياني:أمن البحر الأحمر يعتمد على اليمن
(عدن الغد) متابعات:

نشرت صحيفة فرانكفورت العامة” Frankfurter Allgemeine ثاني اهم الصحف الالمانية مقال سفير اليمن لدى ‎المانيا لؤي الارياني بعنوان ” امن البحر الاحمر يعتمد على ‎اليمن جاء فيه:


في البحر الأحمر، عاد التهديد للملاحة الدولية. الحوثيون يقومون مجددا باختطاف السفن المدنية هناك وفي خليج عدن، ولا يترددون في إغراقها، وينتهكون الهدنة التي أعلنها الرئيس الأمريكي ترامب في مايو، والتي التزموا خلالها، من بين أمور أخرى، بعدم مهاجمة السفن الأمريكية.


أعلن المتحدث العسكري باسمهم الآن أن الحوثيين سيستهدفون أي سفينة لها صلة بالموانئ الإسرائيلية. الحوثيون، الذين يثيرون القلق عالميًا منذ نوفمبر 2023 بهجماتهم على السفن المدنية، يعرضون التجارة الدولية والمصالح الاقتصادية للعديد من الدول، بما في ذلك ألمانيا، للخطر بشكل أكبر من ذي قبل.


ما الذي يجب أن يحدث لكي يصبح المرور عبر واحدة من أهم طرق التجارة البحرية في العالم آمنًا مجددًا؟ ضمان أمن البحر الأحمر وخليج عدن يتطلب تحقيق السلام في اليمن، وهو ما يرتبط بعودة السيطرة الكاملة للحكومة الشرعية على كامل أراضي الجمهورية وجميع مدنها.


يعاني المجتمع الدولي اليوم من تبعات تقدير خاطئ استمر لسنوات. فقد استولى الحوثيون في انقلاب عنيف عام 2014 على المحافظات الشمالية، بما في ذلك العاصمة صنعاء، بمساندة إيرانية. لقد تجاهلوا الحوار الوطني الذي كان يهدف إلى تحقيق التوازن بين جميع قوى البلاد. وهكذا، يعاني الناس منذ أكثر من عقد من الزمان من حكم التعسفي لهذه الميليشيا، التي تحكم بالعنف والإرهاب، وتتبع سياسات تنتهك حقوق الإنسان وتستهدف السكان المدنيين.


كيف وصل الأمر إلى هذا الحد؟ لوقت طويل جدًا، اعتبر العالم الصراع في اليمن مشكلةً داخليةً بحتة. وقد ساهم التقاعس الدولي تجاه جرائم الحوثيين في الداخل في قوتهم الحالية ومستوى تهديدهم. حتى عندما هاجم الحوثيون أهدافًا مدنية في دول الجوار، ظلّ ردّ الفعل خافتًا. ولم يتن استيعاب الطابع الإرهابي للميليشيا إلا مع التصعيد في البحر الأحمر.


منذ بداية الأزمة، التزمت الحكومة اليمنية الشرعية التزامًا واضحًا وثابتًا بالسلام، انطلاقًا من شعورها بالمسؤولية الوطنية، وإدراكها أنه لا بديل عمليًا للحوار. إلا أن السلام لا يتحقق بمجرد حسن النية والمناشدات المتكررة، بل يتطلب شريكًا موثوقًا، ووساطة نزيهة، وتنازلات من جميع الأطراف. إلا أن تجربة التعامل مع الحوثيين تُظهر أنهم لا يؤمنون بالحلول السياسية، بل الحرب هي وسيلتهم المفضلة لتأمين السلطة.


شرط أساسي لعملية سلام وهو تغيير موازين القوى. المجتمع الدولي مطالب باتخاذ تدابير ملموسة وفعّالة لتقييد القدرات العسكرية للحوثيين. فقط من خلال هذا النهج يمكن خلق الضغط الكافي لإجبارهم على التفاوض، ولن يتحقق السلام إلا من خلال التعاون الوثيق مع الحكومة الشرعية.


العالم يدفع ثمن التخاذل. نتيجة لهجمات الحوثيين، ارتفعت أسعار الشحن في التجارة بين آسيا وأوروبا بنسبة تصل إلى 50%، وزادت أسعار المستهلكين، وتكبدت مصر انخفاضًا في إيرادات قناة السويس بنسبة 46%، كما عانت شركات الشحن الألمانية، التي تُعد من بين الشركات الرائدة عالميًا، من خسائر اقتصادية جسيمة. وتظل الوضعية الاقتصادية والإنسانية في اليمن مأساوية، حيث يستورد البلد 80% من احتياجاته الغذائية.


لا يزال التهديد قائمًا، وقد يشتد. ويأتي التصعيد الأخير في ظل تغير موازين القوى الجيوسياسية. فمع تراجع نفوذ طهران في سوريا ولبنان، تلعب ميليشيا الحوثي دورًا محوريًا في استراتيجية إيران الإقليمية. فهي تُمثل خط المواجهة الممتد لإيران، ورافعة في النزاع النووي، وأداة للسيطرة على البحر الأحمر.


آمال اليمنيين في ألمانيا:


ما الذي يمكن أن تساهم به ألمانيا في حل الأزمة؟ يعلق اليمنيون آمالاً كبيرة على ألمانيا على أربعة محاور. أولاً، يمكن لألمانيا دعم إنشاء وتطوير خفر السواحل اليمني ليتمكن من أداء مهامه بفعالية أكبر، بما في ذلك في الصراع ضد الحوثيين.


ثانيًا، نرى أن أهم مساهمة يمكن أن تقدمها ألمانيا هي توفير وتوسيع التعاون التنموي مع اليمن. سيستمر هذا التعاون، ونأمل أن يتم توسيعه لا تقليصه.


هذا أمرٌ أساسي لتحسين الوضع الاقتصادي للشعب اليمني. وفي الوقت نفسه، يُعدّ الدعم الأهم لعملية السلام التي تعثرت بسبب تجاهل الحوثيين لدعوات التفاوض. وسيكون لذلك أثرٌ إيجابي على استقرار وأمن اليمن والبحر الأحمر وطرق الملاحة الدولية.


ثالثًا، تدعم الحكومة الألمانية الحكومة اليمنية سياسيًا بالفعل، وهو ما يتجلى في المواقف الألمانية المعلنة. وينبغي أن يمتد هذا الدعم السياسي إلى المنتديات والمنظمات الدولية، وعلى رأسها الاتحاد الأوروبي. علاوة على ذلك، يجب على ألمانيا – والاتحاد الأوروبي – كخطوة رابعة فرض عقوبات محددة على ميليشيا الحوثيين، مثل تصنيفها كمنظمة إرهابية.


تتمتع ألمانيا بسمعة طيبة في اليمن، سياسيًا واجتماعيًا. وللشعب اليمني تاريخ طويل من الثقة في التعاون التنموي مع ألمانيا، يعود تاريخه إلى ستينيات القرن الماضي. ولا يزال الدعم الألماني للمشاريع الطبية والبنية التحتية والتعليمية راسخًا في الأذهان، كما هو الحال مع العديد من الخبراء والأطباء الذين تركوا بصمة إيجابية دائمة في البلاد. علينا أن نبني على هذا الإرث.