قبل أربعين يومًا فقط، في الحادي والثلاثين من يوليو، التقطت عدسة صغيرة صورةً ستبقى خالدة في الذاكرة. كان الفقيد عبدالغني محمد مسعود (أبو محمد) واقفًا في حفل تكريم أوائل طلاب مدرسة سيف بن ذي يزن، يرافق ابنه محمد الحائز على المركز الأول.
في تلك اللحظة لم تكن الصورة مجرد لقطة عابرة؛ كانت درسًا صامتًا في معنى الأبوة. كان يقف شامخًا بجانب ابنه، وعيناه تلمعان فخرًا وفرحًا كأنهما تقولان للعالم: الأب سند، الأب كتف وأمان، الأب فرح يُشبه الجبال ثباتًا. كانت يداه ممدودتين حبًّا، ونظرته تحيط بابنه أفقًا لا حدود له.
اليوم، ونحن نتأمل تلك الصورة بعد رحيله المؤلم، ندرك أنها كانت أكثر من احتفال وابتسامة ،كانت ختمًا صادقًا على حياةٍ قضاها في العطاء والحب، وشهادةً بأن الأب وإن رحل يظل حاضرًا في ملامح أولاده، في نحاحاتهم، في دعائهم، وفي كل لحظة يذكرون فيها حضنه وأمانه.
رحمك الله يا عبدالغني، فقد كنت أبًا وسندًا وكتفًا حقيقيًا، وستبقى صورتك وذكراك تنبض في القلوب وتعلّمنا أن الفخر والحب لا يموتان .