آخر تحديث :الإثنين-11 أغسطس 2025-12:34م
إقتصاد وتكنلوجيا

هل يخفض الفيدرالي الفائدة ثلاث مرات هذا العام؟

الإثنين - 11 أغسطس 2025 - 09:38 ص بتوقيت عدن
هل يخفض الفيدرالي الفائدة ثلاث مرات هذا العام؟
(عدن الغد): متابعات خاصة


تشهد السياسة النقدية الأميركية مرحلة من الجدل الحاد، مع تصاعد الأصوات داخل مجلس الاحتياطي الفيدرالي المطالبة بالتحرك السريع نحو خفض أسعار الفائدة، وفي خط متوازٍ مع تصاعد ضغوط ترامب في هذا الاتجاه، لا سيما مع تزايد مؤشرات التباطؤ في سوق العمل، بينما تظل المخاطر التضخمية حاضرة بفعل السياسات التجارية التي ينتهجها الرئيس الأميركي.


يعكس هذا الجدل انقساماً واضحاً بين صقور الفيدرالي وحمائمه، حول مدى الحاجة إلى التيسير النقدي وسرعة تنفيذه. بينما الأنظار تتجه إلى الاجتماعات الثلاثة المتبقية للبنك المركزي هذا العام، وسط توقعات بأن يشهد العام 2025 ما لا يقل عن ثلاثة تخفيضات في الفائدة، تبدأ في سبتمبر المقبل، وهي التوقعات التي تغذيها بيانات البطالة المرتفعة وتباطؤ نمو الوظائف، في مقابل مخاوف من أن تؤدي أي خطوات متسرعة إلى انعاش التضخم مجدداً، خاصة مع إعادة فرض الرسوم الجمركية التي بدأت هذا الشهر.


ثلاثة تخفيضات

دعت نائبة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي للرقابة المالية، ميشيل بومان، إلى خفض أسعار الفائدة في يوليو، قائلة إن الحرب التجارية التي يشنها الرئيس دونالد ترامب سيكون لها تأثير أقل على التضخم مما يخشاه بعض خبراء الاقتصاد.

تأتي تصريحات بومان يوم الاثنين بعد أن قال كريستوفر والر، وهو محافظ آخر في بنك الاحتياطي الفيدرالي، يوم الجمعة إن البنك المركزي الأميركي يجب أن يفكر في خفض أسعار الفائدة في أقرب وقت في الشهر المقبل.

تقرير لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية يصف تلك التصريحات بأنها تسلط الضوء على "الانقسام بين مسؤولي البنك المركزي حول كيفية الاستجابة لرسوم ترامب الجمركية".

وبالعودة لحديث بومان، فقد أشارت إلى أنها ستدعم خفض الفائدة في الشهر المقبل؛ لأن البيانات الأخيرة "لم تظهر علامات واضحة على التأثيرات المادية الناجمة عن التعرفات الجمركية وغيرها من السياسات" وأن التأثير التضخمي للحرب التجارية "قد يستغرق وقتا أطول، وقد يتأخر أكثر، ويكون تأثيره أصغر من المتوقع في البداية".


وأضافت: "بشكل عام، أدى التقدم المستمر في مفاوضات التجارة والتعرفات الجمركية إلى بيئة اقتصادية أصبحت الآن أقل خطورة بشكل واضح (..) بينما نفكر في المسار المستقبلي، فقد حان الوقت للنظر في تعديل سعر الفائدة".


وأشارت بومان، التي تولت منصبها هذا الشهر بعد أن رشحها ترامب في وقت سابق من العام 2025، إلى "علامات الهشاشة في سوق العمل" وقالت "يجب أن نولي المزيد من الاهتمام للمخاطر السلبية لولايتنا المتعلقة بالتوظيف في المستقبل".


الأسواق تراقب

من جانبه، يقول الرئيس التنفيذي لشركة VI Markets، طلال العجمي، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":


الأسواق تترقب عن كثب خطوات الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، وسط حديث متزايد عن احتمال خفض أسعار الفائدة ثلاث مرات قبل نهاية العام الجاري.

هذه التوقعات تعززت بعد صدور بيانات التوظيف الأخيرة التي جاءت أضعف من المتوقع، حيث ارتفعت معدلات البطالة إلى 4.2%، مما أعطى انطباعاً بأن الاقتصاد بدأ يُظهر مؤشرات ضعف، ما قد يدفع الفيدرالي لتليين موقفه النقدي.

بعض الأصوات داخل الفيدرالي، مثل ميشيل بومن، ترى أن الظروف الاقتصادية تسمح بثلاثة تخفيضات، خاصة إذا تم استبعاد تأثير الرسوم الجمركية من قياس التضخم، حيث يقترب المعدل الفعلي من هدف الفيدرالي.

ويضيف: "مؤسسات وبنوك كبرى، مثل غولدمان ساكس، تتوقع سيناريو خفض في سبتمبر وأكتوبر وديسمبر، بينما يرى محللون آخرون إمكانية تنفيذ أربع تخفيضات إذا استمرت أوضاع سوق العمل في التراجع، رغم أن التباطؤ الحالي ليس مقلقاً إلى درجة الخطر.


ويبيّن العجمي أن هناك رغبة سياسية وشعبية لخفض الفائدة لتخفيف الضغوط عن الشركات والمستهلكين، إلا أن بعض أعضاء الفيدرالي مترددون خشية أن يؤدي الخفض السريع إلى عودة التضخم للارتفاع، خاصة في ظل الرسوم الجمركية التي أعلن عنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والتي قد ترفع الأسعار مجدداً.


ويختم العجمي تصريحه بالتأكيد على أن الأسواق تميل حالياً لتوقع ثلاث تخفيضات، لكن القرار النهائي سيظل بيد الفيدرالي، وسيعتمد بشكل كبير على بيانات التضخم والتوظيف القادمة، مشيراً إلى أنه في حال استمرار ضعف المؤشرات، فإن الطريق ستكون ممهدة لخفض الفائدة قبل نهاية العام.


وخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بنقطة مئوية واحدة العام الماضي، لكنه توقف عن الخفض منذ ديسمبر الماضي، مع تردد بعض المسؤولين في خفض الفائدة وسط مخاوف من أن الحرب التجارية قد تؤدي إلى موجة أخرى من التضخم في الولايات المتحدة.


وأظهرت أحدث توقعات بنك الاحتياطي الفيدرالي ، التي أصدرها الأسبوع الماضي، أن سبعة مسؤولين يعتقدون بأن أسعار الفائدة الأميركية سوف تحتاج إلى البقاء عند مستوى يتراوح بين 4.25 و4.5 بالمئة طوال هذا العام لاحتواء ضغوط الأسعار الأقوى.


لكن عشرة أعضاء في لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية، المسؤولة عن تحديد أسعار الفائدة، ما زالوا يعتقدون بأن الاحتياطي الفيدرالي سيتمكن من إجراء تخفيضين أو أكثر هذا العام. وأشار مؤيدو التخفيض إلى بيانات تضخم فاترة، مع ضعف نمو أسعار الخدمات تحديداً.


بدء مسار خفض الفائدة

من جانبه، يقول رئيس قسم الأسواق العالمية في شركة Cedra Markets، جو يرق، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية":


"الاتجاه الحالي ربما يدعم ترجيح بدء مسار التخفيضات لأسعار الفائدة هذا العام بثلاث خطوات، وبواقع 25 نقطة أساس لكل منها".

"لكننا نعلم أن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي ما زال مُصرًّا على سياساته النقدية المتشددة، لاعتقاده بأن التضخم قد يعاود الارتفاع مع السياسات الجمركية التي يعتمدها الرئيس ترامب، وهو ما أكدته بيانات التضخم الأخيرة، رغم ضغوط أرقام سوق العمل".

وأظهر تقرير الوظائف الشهري الصادر عن وزارة العمل يوم الجمعة الماضي ارتفاع معدل البطالة إلى 4.2 بالمئة. وتضمن التقرير أيضاً تعديلات على بيانات منشورة سابقاً، تُظهر تباطؤاً حاداً في نمو الوظائف خلال الأشهر الثلاثة الماضية ليصل إلى متوسط شهري قدره 35,000 وظيفة.


ويتوقع يرق أن يظهر تأثير إعادة فرض الرسوم الجمركية، التي بدأ تنفيذها هذا الشهر، في أرقام سبتمبر، ما قد يدفع الفيدرالي إلى مواجهة ضغوط كبيرة إذا تزامن ارتفاع التضخم مع تراجع إضافي في سوق العمل.. وفي هذه الحالة، قد يلجأ إلى خفض أكبر يصل إلى 50 نقطة أساس، وهو ما قد يعطي إشارة سلبية للأسواق حول ضعف الاقتصاد الأميركي.


ويتابع: أما إذا جاءت بيانات التضخم صعودية وسوق العمل قوي، فقد يكتفي الفيدرالي بخفض 25 نقطة أساس أو حتى الإبقاء على السياسات الحالية. ورغم الضغوط، يبدو أن الفيدرالي حريص على البقاء في مرحلة التحفظ، مع تزايد الأصوات داخله المؤيدة لبدء التخفيض في سبتمبر.


ومن المقرر عقد ثلاثة اجتماعات سياساتية متبقية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي هذا العام، في سبتمبر وأكتوبر وديسمبر. ويشير الاقتصاديون -بحسب ما نقلته شبكة سي إن بي سي الأميركية- عادةً إلى أن زيادة الوظائف الشهرية بمقدار 100 ألف وظيفة تتوافق مع استقرار سوق العمل، إلا أنه مع الانخفاضات الكبيرة في الهجرة منذ أن بدأ الرئيس دونالد ترامب ولايته الثانية في يناير، يُرجَّح أن يكون هذا الرقم أقل.