آخر تحديث :الأحد-20 يوليو 2025-07:40م
أدب وثقافة

نافذة على الزمن الجميل (قصة قصيرة)

الأحد - 20 يوليو 2025 - 03:41 م بتوقيت عدن
نافذة على الزمن الجميل (قصة قصيرة)
بقلم / محفوظ كرامة

كانت الشمس تلامس نوافذ مدير مكتب الإعلام في محافظة أبين،الدكتور: يأسر باعزب حين جمعتني الصدفة بالدكتور : الخضر الفاطمي بعد غياب طويل. المكان كان يعج بأحاديث الحياة العامة، إلا أن شيئاً ما في وجه الدكتور الفاطمي دعا إلى الحديث عن الماضي، عن جعار... تلك المدينة التي لا تزال حيّة في ذاكرته.


قال الشيخ وهو يسند رأسه بيده ويتأمل بعيدًا: "كنت صغيرًا، حين نزلت من قريتي الريفية إلى مدينة جعار لألتحق بالدراسة. لا أنسى كيف أسرتني أجواؤها: ود الناس، ألفتهم، لا ضغينة ولا كراهية، وكأنهم عائلة واحدة."


كان حديثه يشبه حكاية تُروى على ضوء فانوس قديم. استرسل قائلاً إن المدينة في خمسينيات القرن الماضي كانت تزخر بالحياة. فسيفساء من أطياف المجتمع اليمني تلتقي في شوارعها، والضجيج الصاخب ينبض من محطة أبين بورت، التي أنشأتها بريطانيا كأول استثمار زراعي في دلتا أبين.


تخيلت تلك اللحظات وأنا أستمع إليه؛ صباحات المدينة، ونحن نخرج من البيوت متجهين إلى المدرسة، تنبعث روائح السمن والخبز من النوافذ، وتخترق الأذان أنغام إذاعة عدن: "يا حبيبي يسعد صباحك" أو "هيب هيب بالباكر"، كلمات تُعلن بدء يوم جديد بكل دفء الحياة.


سألني الدكتور الفاطمي والحماس يلمع في عينيه: "أليست تلك أيامًا تستحق أن تُدوّن؟ أن تُروى للأجيال؟" أجبته بابتسامة: "بالتأكيد، وربما هذا ما يعمل عليه الأستاذ الكاتب والاكاديمي محمد ناصر العولقي، فهو يحمل أرشيفًا مليئًا بصور المدينة وتاريخها."


نظر إليّ طويلًا، ثم قال هامسًا: "المدينة التي تعلّمنا فيها المحبة، يجب أن تبقى حيّة في ذاكرة اليمن... وفي القلب."