كتب: أحمد مهدي سالم
من متاهات الخيبة التي كنت
تحتضنها بحنوٍّ راقٍ..
أتطلع و أتفكر في صدمات المسارات،وزوابع الخسارات،
وتفخيخ البدايات،اللطيفة، الحبيبة..
تضيع منك الهيبة،
وتقبض بشدة على جمر الفراق،
و في كل يوم
ترفع راية الانكسار بفخر..
يتجول في أفقك الفراغ،
وداخلك يحتاج ترميمًا أكبر
لكثرة وحِدِّة الثقوب والندوب التي مرت ذات يوم..
تغتسل بفيض من شلالات الطهر والنقاء
لتزيح عن جسدك ونفسك الآثام، والأوساخ، ومظاهر الضعف والاستلاب..
في صراعات الهوية المتقوبة والوطن الضائع وجموح الشباب
الذي غادر قطاره باتجاه مسافات بعيدة في عوالم اليباب،
وجزر نائية لم تسكنها، بعد، النوارس والزهور.
تحس أنه رحل مثخنًا بأوجاع الطموح الذبيح، أو طار مع السراب.
وكم غنيت: "يا ناس قلبي جريح"،
وأذعن مقبض قيادك للحسين.. المليح،
وانطلقت وراء العيون والجمال،
عاشقًا للحياة.. مبتهجًا بأصداء نغم الرباب..
وفي أيام الخطوبة، كل أسبوع كيلو كباب..
وسرعان ما هبت الأعاصير العنيفة..
تسدد نحو ضفاف صدرك الحاني قذيفة وراء قذيفة،
واقتلعت بذرات وزهرات طموحك الوهاج،
وأعادتك إلى البداية.. إلى أول الرواية..
إلى أول دفع صخرة سيزيف..
تعيد وتشطب وترتب رحلة أخرى للانطلاق،
ولسرعة الخروج من ضيق الزقاق،
ومغادرة صخب الطفولة، وطيش الرفاق..
إلى مديات أبعد.. إلى اخضرار الآفاق.
آه كم تضايقني وتزعجني كلمة رفاق،
وكم ترتبط في ذهني البريء بالعفاق، والنفاق، وانعدام الوفاق،
وبيع الوطن قطعة قطعة في الأسواق؟!
لا بارك الله في الرفاق.